تأخير الصبيان عن الصف الأول

السؤال :

السلام عليكم و رحمة الله. ظاهرة منتشرة كثيرا في المساجد و هي ارجاع الاطفال من الصف الأول رغم انهم لم يقوموا بأي  ازعاج للمصلين. فما حكم ذلك؟. وجزاكم الله خيرا.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

إذا سبق الصبي إلى الصف الأول هل يؤخر؟. خلاف :
القول الأول : لا يؤخر الصبيان، وهذا قول الشافعية، قال الرملي: «ولو حضر ‌الصبيان ‌أولا ‌لم ‌ينحوا ‌للبالغين لأنهم من الجنس بخلاف غيرهم». [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 193)].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني [القائل عمرو بن سلمة]، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين ». [صحيح البخاري (5/ 151 ط السلطانية)]
فإذا كان يأمهم الصغير فالأولى من سبق إلى الصف من الصبيان.
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا ‌يقيمن ‌أحدكم ‌الرجل ‌من ‌مجلسه ثم يجلس فيه ». [صحيح مسلم (7/ 9 ط التركية)] .قالوا : والصبي المميز في حكم الرجل الكبير.
القول الثاني : يؤخر وهذا ظاهر مذهب الحنابلة، قال ابن قدامة: «السنة أن يتقدم في الصف الأول أولوا الفضل والسن، ويلى الإمام ‌أكملهم ‌وأفضلهم. قال أحمد: يلى الإمام الشيوخ وأهل القرآن، وتؤخر الصبيان والغلمان، ولا يلون الإمام». [المغني لابن قدامة (3/ 57 ت التركي)]. واستدلوا :
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليلني ‌منكم ‌أولو ‌الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم». [صحيح مسلم (2/ 30 ط التركية)]. ورد عليهم بانه لو كان فيه منع لهم لقال :"ليلني منكم إلا أولو الأحلام والنهى".
- عن أبي مالك الأشعري قال: «ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال:فأقام الصلاة، وصف الرجال وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم فذكر صلاته، ثم قال: هكذا صلاة - قال عبد الأعلى: لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي». [سنن أبي داود (1/ 181 ت محيي الدين عبد الحميد)]. ورد عليهم بأنه حديث ضعيف.
-عن قيس بن عباد، قال: أتيت المدينة للقي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فيهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي، فأقيمت الصلاة، وخرج عمر مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت في الصف الأول، فجاء رجل، فنظر في وجوه القوم، فعرفهم غيري، فنحاني وقام في مكاني، فما عقلت صلاتي، فلما صلى قال: يا بني لا يسوءك الله، فإني لم آتك الذي أتيتك بجهالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: كونوا في الصف الذي يليني  وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك». [مسند أحمد (35/ 186 ط الرسالة)]
ورد عليهم بأنه اجتهاد صحابي.
-وعن ابن عباس أن: «رفع الصوت، بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال : كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ». [صحيح البخاري (1/ 168 ط السلطانية)]. وفي رواية:"ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير".
قال ابن دقيق العيد: «وقد يؤخذ منه تأخير الصبيان في الموقف، لقول ابن عباس :ما كنا نعرف نقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالتكبير. فلو كان متقدما في الصف الأول لعلم انقضاء الصلاة بسماع التسليم». [إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 320)].
ورد عليهم أن مجرد إخبار أنه كان خلف الصف لا أنه أُخر عنه. والظاهر أنه لا يؤخر بما أنه سبق إليه وليس فيه حركة تشوش على خشوع المصلين.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.