أحكام متعلقة بالقطط
الحمد لله.
وكنيته أبو خداش، وأبو الهيثم، وأبو شماخ.
- لا حرج في تربية القطط، مع الإحسان إليها وإطعامها، وقد كني أبو هريرة رضي الله عنه لهرة كانت معه.قال الذهبي:"والمشهور عنه أنه كني بأولاد هرة برية . قال : وجدتها ، فأخذتها في كمي ; فكنيت بذلك".(سير أعلام النبلاء).
- اختلف العلماء في حكم بيع القطط، الجمهور قالوا بالجواز، وذهب الإمام أحمد في الصحيح عنه إلى الحرمة وهو قول الظاهرية وهو الصواب.
عن أبي الزبير قال " سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور قال : زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ".(مسلم).
وعن جابر قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنور".(صحيح رواه أبو داود).
وقد ردوا بان الحديث ضعيف لانه لم يروه عن أبي الزير إلا حماد بن سلمة.
قلت : وهذا غلط، فعند مسلم من رواية معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير، وعند الترمذي من طريق جابر أبو سفيان وهو طلحة بن نافع. فالحديث صحيح.
وقال بعضهم أن المنهي عنه هو الوحشي دون الأهلي، وهذا تفريق غريب،قال البيهقي:"وقد حمله بعض أهل العلم على الهر إذا توحش فلم يقدر على تسليمه ، ومنهم من زعم أن ذلك كان في ابتداء الإسلام حين كان محكوما بنجاسته ، ثم حين صار محكوما بطهارة سؤره حل ثمنه ، وليس على واحد من هذين القولين دلالة بينة".(السنن).
وإذا كانت ضرورة ولم يجد إلا أن يشتريه اشتراه،قال ابن حزم:"ولا يحل بيع الهر فمن اضطر إليه لأذى الفأر فواجب وعلى من عنده منها فضل عن حاجته أن يعطيه منها ما يدفع به الله تعالى عنه الضرر".(المحلى).
- وهي طاهرة غير بولها وروثها، فشعرها ولعابها طاهران،فعن كبشة قالت:"رأيت أبا قتادة أصغى[أمال] الإناء للهرة فشربت فقال: أتعجبين إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا:أنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات ".(صحيح رواه أحمد). و"الطائف الخادم الذي يخدمك برفق وعناية".(شرح المشكاة للطيبي).
قال الخطابي:"فيه من الفقه أن ذات الهرة طاهرة وأن سؤرها غير نجس وأن الشرب منه والوضوء به غير مكروه".(معالم السنن).
- يحرم أكل لحمها على الراجح، فعن أبي ثعلبة الخشني قال:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع".(متفق عليه).
- جلود القطط إذا دبغت هل تطهر أم لا؟ خلاف : فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يطهر بالذبح ، وحجة هؤلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود السباع ، وركوب النمور . وهو عام في المذكى وغيره ؛ ولأنه ذبح لا يطهر اللحم فلم يطهر الجلد .
وذهب الحنفية والمالكية إلى طهارة الإهاب بالذكاة الشرعية.استدل هؤلاء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دباغ الأديم ذكاته "؛ ولأن الذكاة تعمل عمل الدباغ في إزالة الرطوبات النجسة".(أنظر الموسوعة الفقهية).
- لا يجوز استعمال جلودها في اللبس والأفرشة على الراجح،فعن أبي المليح عن أبيه : "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع أن تفترش".(صحيح رواه الترمذي).
وعن معدي يكرب:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها".(صحيح رواه أبو داود).
-لا حرج في إخصائها إن كانت مَصلحة، فكثيرا ما تُقتقل صغارها،جاء في الفتاوى الهندية:"خصاء السنور إذا كان فيه نفع أو دفع ضرر لا بأس به كذا في الكبرى".انتهى. وكذا حبس الإناث عن الذكور فهو أولى وأحسن.
- إذا أتلفت الهرة شيئا، كأن أكلت دجاجا للجار ونحو هذا، فقد قال الحنابلة والشافعية على أنه إذا أتلفت الهرة طيرا أو طعاما أو غيرهما ضمن مالكها - أي صاحبها الذي يؤويها - ما أتلفته إن عهد منها ذلك.
وفي قول آخر عند الشافعية: لا يضمن ليلا ولا نهارا لأن العادة لم تجر بربط الهرة، أما إذا لم يعهد من الهرة أو نحوها - والمراد هو تعهد صاحب الهرة ونحوه منها إتلاف ما ذكر - فلا يضمن ما أتلفته عند الحنابلة، وفي الأصح عند الشافعية، سواء كان الإتلاف في الليل أو في النهار؛ لأن العادة حفظ الطعام عنها، لا ربطها.
- إذا هاجمت الهرة شخصا فإن أمكن دفعها بضرب أو زجر فلا يجوز قتلها، بل يدفعها بالأخف فالأخف كدفع الصائل، فلو كانت الهرة صغيرة مثلا ولا يفيد معها الدفع بالضرب الخفيف، ولكن يمكن دفعها بأن يخرجها من البيت ويغلقه دونها، أو بأن يكرر دفعها عنه مرة بعد أخرى فلا يجوز قتلها ولا ضربها ضربا شديدا.
- إذا كان القط ياكل للناس طيورهم ويفسد أمورهم فلا يجوز قتله إلا إن خرج عن حده المعتاد، فتسد المنافذ عنه ويُزجر بكل طريق مباح وإلا جاز قتله،فقد سئل عز الدين:"عن قتل الهر المؤذي هل يجوز أم لا؟ فأجاب إذا خرجت إذايته عن عادة القطط وتكررت إذايته جاز قتله واحترزنا بالأول عما في طبعه مثل أكل اللحم إذا كان خاليا أو عليه شيء يمكن رفعه للهر، فإذا رفعه، وأكل فلا يقتل هذا، ولو تكررت منه؛ لأنه طبعه، واحترز بالثاني مما إذا وقع ذلك منه فلتة، فلا يوجب قتله فلا يكون كالميئوس من استصلاحه من الآدميين والبهائم، وعن أبي حنيفة إذا آذت الهرة وقصد قتلها فلا تعذب، ولا تخنق بل تذبح بموسى حاد لقوله - عليه السلام - إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة".(مواهب الجليل للحطاب المالكي).
والله الموفق.