حكم الأحذ من اللحية
اختلف العلماء في حكم الأخذ منها على قولين :
القول الأول : يكره الأخذ منها مطلقا، بل تبقى على ما هي عليه إلا في الحج، وهو مذهب الشافعية،. قال النووي:"والمختار ترك اللحية على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير شيء أصلا".(شرح مسلم). ولم يرد عن أحد من السلف قوله بالتحريم وإنما ذكروا الكراهة فقط. واستدلوا :
- قال صلى الله عليه وسلم:"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى".(لفظ مسلم). قال النووي:" والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقا، بل يتركها على حالها كيف كانت للحديث الصحيح:وأعفوا اللحى".(المجموع).
ورد عليهم بأن لفظ (الإعفاء) يعني التكثير فقط، والاخذ منها لا يخالف هذا المعنى، ألم تر قول ربنا{ ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا". قال ابن كثير:"أي : كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم ، يقال : عفا الشيء إذا كثر".(التفسير العظيم). وقد وردت روايات أخرى فيها : (أوفوا)، (أرخوا)، (ارجوا)، (وفروا). كلها تفيد التكثير.أو يقال ان (اعفوا) تعني اعفوها من الحلق.
- عن منصور قال:"سمعت عطاء بن أبي رباح قال: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة".(صحيح رواه ابن أبي شيبة). وهذا ظاهر أن الصحابة كانوا يمتنعون عن الأخذ منها إلا في الحج.
ورد عليهم بأن الراوي ذكر ما رآه ولا يعني أنهم لم يأخذوا منها في غير الحج، وقد ثبت هذا عن أبي هريرة وكثير من السلف.
- عن أبي معمر قال:"قلنا لخباب: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر؟. قال: نعم. قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته".(البخاري). وعن جابر:"كان كثير شعر اللحية".(مسلم).وعن البراء:"كث اللحية".(صحيح رواه النسائي).
ورد عليهم أن الألفاظ لا دليل فيها على الطول، قال ابن الأثير:" الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة، ولكن فيها كثافة".(النهاية في غريب الحديث).
القول ثاني : له الأخذ منها وهو قول الجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، والشافعية قالوا يأخذ منها في النسك فقط، وهو قول ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري والقاسم بن محمد ومجاهد ابن كعب القرظي وطاوس بين كيسان وإبراهيم النخعي واختيار ابن عبد البر وعياض وابن تيمية واستدلوا :
-عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من لحيته، من عرضها وطولها".(الترمذي).
ورد عليهم بانه حديث ضعيف جدا، وعلته عمر بن هارون البلخي متروك الحديث.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسل شيء في الأحذ مطلقا.(راجع:شمس الضحى في حكم الأخذ من اللحى.).
- قال ربنا{ ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}. عن ابن عباس قال:" التفث: الرمي والذبح والحلق والتقصير والأخذ من الشارب والأظفار واللحية".(صحيح رواه ابن أبي شيبة). قال ابن القيم:"لا ريب أن أقوالهم [أي الصحابة] في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم".(أعلام الموقعين).
ورد عليهم أن اجتهاد منه رضي الله عنه وقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم ادى النسك ولم ينقل أنه أخذ من لحيته.
- عن نافع قال :"كان ابن عمر إذا حج أو اعتمر، قبض على لحيته فما فضل أخذه".(البخاري).
ورد عليم : بأنه"لا قول مع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والصحابي إذا خالف فعله مرويه فالعبرة بما روى لا بما رأى".(ذخيرة العقبى).
وأجيب بأن ابن عمر لم يخاف النص فالمخالفة تمكن في (الحلق) وهو لم يقل به، وإنما بين المقصود من الاحاديث الملطقة.
قال ابن عبد البر:"وابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحى وهو أعلم بمعنى ما روى ".(الاستذكار).
ثم قالوا : هب لكم هذا، فقول ابن عمر إنما في النسك.
ويجاب: بل ورد عن الصحابة في غير الحج، كأبي هريرة، فعن أبي زرعة قال: "كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل منها".(حسن رواه ابن أبي شيبة).
- عن جابر قال:"كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة".(رواه أبو داود).
ورد عليهم بأنه حديث ضعيف وفيه أبو الزبير مدلس وقد عنعن، ثم هب أنه صحيح فالسبال لا علاقة له باللحية فإنه يطلق على الشارب أيضا أو على أطرافه، ألم تر قوله ﷺ :"قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب". (حسن رواه احمد). والعثنون هو اللحية. فتأمل كيف فرق بين السبال واللحية.
وبهذا تكون قد وقفت على مذاهب العلماء إن كنت من أهل التقليد، والذي نختاره جواز الأخذ منها، ولا يمكن أن يطلق الأمر من غير تحديد وإلا بلغت حد الركب كما نرى عند البعض، وفعل الصحابة دليل على جواز الأخذ منها وهم الأخذون عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيبقى مقدار الأخذ واختلفوا فيه، فقيل :
- القبضة : فما زاد عنها أحذه وهو فعل ابن عمر وأبي هريرة كما تقدم. وقال الحنفية يسن ذلك أو يجب جاء في البحر الرائق:" والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد منها على قبضة قطعها".وعندهم رواية بالوجوب (الدر المختار). واستدلوا بما ورد عن ابن عمر وأبي هريرة كما تقدم.
- العرف : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدها بحد، وفعل ابن عمر لا يعني الحصر، وإنما هو اختيار منه، قال الطبري:"وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، ولم يجدوا في ذلك حدا غير أن معنى ذلك عندي ما لم يخرج من عرف الناس".(عمدة القاري.العيني).
- : يأخذ القليل : من غير مبالغة قال الطيبي:"قوله: (كان يأخذ من لحيته) هذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى)؛ لأن المنهي عنه هو قصها كفعل الأعاجم أو جعلها كذنب الحمام. والمراد بالإعفاء التوفير منه كما في الرواية الأخرى. والأخذ من الأطراف قليلا، لا يكون من القص في شيء".(شرح المشكاة).
- يأخذ ما تطاير منها وما يشوه : ولا يبالغ، روى ابن القاسم :"عن مالك لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية.".(المنتقى.الباجي).قال القرطبي:" فأما أخذ ما تطاير منها، وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف".(المفهم).قال الزرقاني:" الاعتدال محبوب، والطول المفرط قد يشوه الخلق، ويطلق ألسنة المغتابين، ففعل ذلك مندوب ما لم ينته إلى تقصيص اللحية".(شرح الموطأ).
وأنت ترى أنه لا حد عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا ما ورد عن ابن عمر وهو الأجمل ومن اخذ به هو الأسعد، والذي أأختاره لنفسي أن اللحية معلومة فكل ما يطلق عليها لحية ويوافق (اعفوا) (أوفوا)، (أرخوا)، (ارجوا)، (وفروا) فهو ذاك.
والله الموفق.
القول الأول : يكره الأخذ منها مطلقا، بل تبقى على ما هي عليه إلا في الحج، وهو مذهب الشافعية،. قال النووي:"والمختار ترك اللحية على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير شيء أصلا".(شرح مسلم). ولم يرد عن أحد من السلف قوله بالتحريم وإنما ذكروا الكراهة فقط. واستدلوا :
- قال صلى الله عليه وسلم:"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى".(لفظ مسلم). قال النووي:" والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقا، بل يتركها على حالها كيف كانت للحديث الصحيح:وأعفوا اللحى".(المجموع).
ورد عليهم بأن لفظ (الإعفاء) يعني التكثير فقط، والاخذ منها لا يخالف هذا المعنى، ألم تر قول ربنا{ ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا". قال ابن كثير:"أي : كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم ، يقال : عفا الشيء إذا كثر".(التفسير العظيم). وقد وردت روايات أخرى فيها : (أوفوا)، (أرخوا)، (ارجوا)، (وفروا). كلها تفيد التكثير.أو يقال ان (اعفوا) تعني اعفوها من الحلق.
- عن منصور قال:"سمعت عطاء بن أبي رباح قال: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة".(صحيح رواه ابن أبي شيبة). وهذا ظاهر أن الصحابة كانوا يمتنعون عن الأخذ منها إلا في الحج.
ورد عليهم بأن الراوي ذكر ما رآه ولا يعني أنهم لم يأخذوا منها في غير الحج، وقد ثبت هذا عن أبي هريرة وكثير من السلف.
- عن أبي معمر قال:"قلنا لخباب: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر؟. قال: نعم. قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته".(البخاري). وعن جابر:"كان كثير شعر اللحية".(مسلم).وعن البراء:"كث اللحية".(صحيح رواه النسائي).
ورد عليهم أن الألفاظ لا دليل فيها على الطول، قال ابن الأثير:" الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة، ولكن فيها كثافة".(النهاية في غريب الحديث).
القول ثاني : له الأخذ منها وهو قول الجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، والشافعية قالوا يأخذ منها في النسك فقط، وهو قول ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري والقاسم بن محمد ومجاهد ابن كعب القرظي وطاوس بين كيسان وإبراهيم النخعي واختيار ابن عبد البر وعياض وابن تيمية واستدلوا :
-عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من لحيته، من عرضها وطولها".(الترمذي).
ورد عليهم بانه حديث ضعيف جدا، وعلته عمر بن هارون البلخي متروك الحديث.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسل شيء في الأحذ مطلقا.(راجع:شمس الضحى في حكم الأخذ من اللحى.).
- قال ربنا{ ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}. عن ابن عباس قال:" التفث: الرمي والذبح والحلق والتقصير والأخذ من الشارب والأظفار واللحية".(صحيح رواه ابن أبي شيبة). قال ابن القيم:"لا ريب أن أقوالهم [أي الصحابة] في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم".(أعلام الموقعين).
ورد عليهم أن اجتهاد منه رضي الله عنه وقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم ادى النسك ولم ينقل أنه أخذ من لحيته.
- عن نافع قال :"كان ابن عمر إذا حج أو اعتمر، قبض على لحيته فما فضل أخذه".(البخاري).
ورد عليم : بأنه"لا قول مع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والصحابي إذا خالف فعله مرويه فالعبرة بما روى لا بما رأى".(ذخيرة العقبى).
وأجيب بأن ابن عمر لم يخاف النص فالمخالفة تمكن في (الحلق) وهو لم يقل به، وإنما بين المقصود من الاحاديث الملطقة.
قال ابن عبد البر:"وابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحى وهو أعلم بمعنى ما روى ".(الاستذكار).
ثم قالوا : هب لكم هذا، فقول ابن عمر إنما في النسك.
ويجاب: بل ورد عن الصحابة في غير الحج، كأبي هريرة، فعن أبي زرعة قال: "كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل منها".(حسن رواه ابن أبي شيبة).
- عن جابر قال:"كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة".(رواه أبو داود).
ورد عليهم بأنه حديث ضعيف وفيه أبو الزبير مدلس وقد عنعن، ثم هب أنه صحيح فالسبال لا علاقة له باللحية فإنه يطلق على الشارب أيضا أو على أطرافه، ألم تر قوله ﷺ :"قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب". (حسن رواه احمد). والعثنون هو اللحية. فتأمل كيف فرق بين السبال واللحية.
وبهذا تكون قد وقفت على مذاهب العلماء إن كنت من أهل التقليد، والذي نختاره جواز الأخذ منها، ولا يمكن أن يطلق الأمر من غير تحديد وإلا بلغت حد الركب كما نرى عند البعض، وفعل الصحابة دليل على جواز الأخذ منها وهم الأخذون عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيبقى مقدار الأخذ واختلفوا فيه، فقيل :
- القبضة : فما زاد عنها أحذه وهو فعل ابن عمر وأبي هريرة كما تقدم. وقال الحنفية يسن ذلك أو يجب جاء في البحر الرائق:" والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد منها على قبضة قطعها".وعندهم رواية بالوجوب (الدر المختار). واستدلوا بما ورد عن ابن عمر وأبي هريرة كما تقدم.
- العرف : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدها بحد، وفعل ابن عمر لا يعني الحصر، وإنما هو اختيار منه، قال الطبري:"وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، ولم يجدوا في ذلك حدا غير أن معنى ذلك عندي ما لم يخرج من عرف الناس".(عمدة القاري.العيني).
- : يأخذ القليل : من غير مبالغة قال الطيبي:"قوله: (كان يأخذ من لحيته) هذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى)؛ لأن المنهي عنه هو قصها كفعل الأعاجم أو جعلها كذنب الحمام. والمراد بالإعفاء التوفير منه كما في الرواية الأخرى. والأخذ من الأطراف قليلا، لا يكون من القص في شيء".(شرح المشكاة).
- يأخذ ما تطاير منها وما يشوه : ولا يبالغ، روى ابن القاسم :"عن مالك لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية.".(المنتقى.الباجي).قال القرطبي:" فأما أخذ ما تطاير منها، وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف".(المفهم).قال الزرقاني:" الاعتدال محبوب، والطول المفرط قد يشوه الخلق، ويطلق ألسنة المغتابين، ففعل ذلك مندوب ما لم ينته إلى تقصيص اللحية".(شرح الموطأ).
وأنت ترى أنه لا حد عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا ما ورد عن ابن عمر وهو الأجمل ومن اخذ به هو الأسعد، والذي أأختاره لنفسي أن اللحية معلومة فكل ما يطلق عليها لحية ويوافق (اعفوا) (أوفوا)، (أرخوا)، (ارجوا)، (وفروا) فهو ذاك.
والله الموفق.