حكم النقاب
الحمد لله
النقاب فرض بدليل القرآن والسنة، بل والإجماع عند الفتن
- قال ربنا:{ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}. قال ابن عباس:"أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة".(حسن رواه الطبري.324/20).
وعن أمنا عائشة قالت:"تسدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها".(صحيح رواه سعيد بن منصور كما نقل ابن حجر.الفتح.406/3).
- قال ربنا:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، وما ظهر منها المقصود ما ظهر للمحارم، بدليل ان الله ذكر المحارم بعدها، وقال{ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن..}.وقد بوب بهذا البيهقي:"باب ما تبدي المرأة من زينتها للمذكورين في الآية من محارمها".(السنن.151/7).
وهذا قول ابن عباس، قال:" والزينة الظاهرة الوجه وكحل العين،وخضاب الكف والخاتم، فهذا تظهره في بيتها لمن دخل عليها، ثم قال: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن..}، والزينة التي تبديها لهؤلاء الناس قرطاها وقلادتها وسواراها، فأما خلخالها ومعضدتها، ونحرها، وشعرها فلا تبديه إلا لزوجها ".(صحيح رواه البيهقي.السنن.13537). وهذا كلام ابن عباس صريح جدا مما لا يدع تأويلا. فهو يرى أن المرأة تغطي وجهها لا كما ينقل عنه بأسانيد ضعيفة.
-قال ربنا:{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ۚ ذٰلك أدنىٰ أن يعرفن فلا يؤذين}. والمراة تعرف بوجهها لا برأسها.
- قال ربنا:{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}. والمقصود بالثياب هنا هو الجلباب الذي يغطي الوجه، [واحذر أن تفسر القران بالمعاني الدراجة] فعن عاصم الأحول قال" كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به فنقول لها رحمك الله قال الله تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}. هو الجلباب قال فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟. فنقول: {وأن يستعففن خير لهن}. فتقول: هو إثبات الجلباب".(صحيح رواه البيهقي.السنن.13534).
فالمرأة العجوز يجوز لها كشف وجهها أما الشابة فلا، وهذا هو معنى الآية. فّإذا كان قولن ربنا {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} معناه ظهور الوجه والكفان للأجانب، فما الفائدة من نزول آية القواعد، والترخيص لهن بوضع الجلباب؟!.
اما السنة :
- قال صلى الله عليه وسلم:"المرأة عورة".(صحيح رواه الترمذي.1173). وهذا دليل مطلق لم يصح في تقييده حديث.
-قال صلى الله عليه وسلم:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعا، لا يزدن عليه".(صحيح رواه الترمذي.1731). فإذا كانت رجل المرأة عورة فكيف بوجهها وهو مجمع المحاسن؟. وما يفتن الرجل أكثر رجلها أم وجهها؟.
وهذا هو الوارد عن الصحابيات فلم يكن يكشفن وجوههن :
- عن فاطمة بنت المنذر؛ أنها قالت" كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات. ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق".(صحيح رواه مالك.1176).
- عن سماعيل بن أبي خالد عن أمه قالت :"كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية فقلت لها يا أم المؤمنين هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها وهي محرمة فرفعت عائشة خمارها من صدرها فغطت به وجهها".(حسن رواه ابن أبي خيثمة.التلخيص الحبير.576/2).
- وعن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام".(صحيح رواه الحاكم.1668).
- وعن المغيرة بن شعبة قال: "أتيت النبي ﷺ ، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما. قال: فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول الله ﷺ ، فكأنهما كرها ذلك[وفي رواية: فسكتا]، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها[أي: سترها]، فقالت: إن كان رسول الله ﷺ ، أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا فإني أنشدك[أي: أسألك بالله أن لا تنظر إلي]، كأنها عظمت ذلك عليه. قال: فنظرت إليها: فتزوجتها، فذكر من موافقتها".(صحيح رواه أحمد.18137).
ولا يعلم أن الإمام مالك أو الشافعي وأبا حنيف أباحوا للنساء إظهار وجوهنن، قال ابن نور الدين المتوفى سنة (825):"والسلف كمالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعي ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة القدمين، وما أظن أحدا منهم يبيح لشابة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشاب أن ينظر إليها لغير حاجة".(تيسير البيان.78/4).
وقد اجمع العلماء على أن المرأة تغطي وجهها في زمن الفتنة، حتى الذين قالوا باستحبابه :
- قال ابن رسلان الشافعي:"ويدل على تقييده بالحاجة -يعني: النظر- اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه؛ لا سيما عند كثرة الفساق".(عون المعبود.11/ 162).
- والمالكية أيضا، قال الشيخ الدردير: "(حرم بالاحرام) بحج أو عمرة أي بسببه (على المرأة)... (ستر وجه) أو بعضه (إلا لستر) عن أعين الناس فلا يحرم بل يجب إن ظنت الفتنة بها".(الشرح الكبير.25/2).
ويرى هذا الإجماع كثير من المعاصرين، وسنتكفي بذكر أسماء علمائهم، ليعلم أن الحكم لا يتعلق بمنهج أو بلاد :
- قال الشيخ محمد علي السايس من علماء الأزهر (1396 هـ) : "وينبغي أن يكون القول بهذا خاصًا بالحالات التي تؤمنُ فيها الفتنة. وفي الأوقات التي يكثر فيها الفساق في الأسواق والطرقات فلا يجوز للمرأة أن تخرج سافرة عن وجهها ، ولا أن تبدي شيئًا من زينتها".( تفسير آيات الأحكام ( 586-587).
قال الكوثري وهو أشعري صوفي حنفي جلد ( 1371هـ — 1952م):" وأما ما يُروى عن أئمة الأمصارِ من جواز كشف المرأة وجهها وكفيها فمقيد بعدم الخوف من الفتنة . وأين ذلك المجتمع الذي يأمن الإنسان فيه الفتنة عند خروج المرأة سافرة؟.".(مقالات الكوثري.311).
قال الشيخ داماد افندي حنفي (1078هـ): وفي المنتقى : تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة . وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد".(جمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ، ( 1 / 81) .
قال أحمد عز الدين البيانوني سوري (1395 هـ -1975 م):"قول الأئمة : « عند خوف الفتنة » إنما يُعلم في ناظر خاص . وأما النظر إلى جماهير الناس الذين تبرز المرأة سافرة أمامهم فلا يُتصور عدم خوف الفتنة منهم جميعًا ، فيتحتم المنع من السفور أمامهم على هذا التعليل . وبهذا يظهر مذهب أبي حنيفة وأصحابه في المسألة".(التن.110).
- قال البوطي (1434 هـ- 2013 م). :"وهكذا فقد ثبت الإجماع عند جميع الأئمة -سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة كالحنابلة، ومن يرى منهم أنه غير عورة كالحنفية والمالكية ـ أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة، بأن كان من حولها من ينظر إليها بشهوة ، ومن الذي يستطيع أن يزعم بأن الفتنة مأمونة اليوم ، وأنه لا يوجد في الشوارع من ينظر إلى وجوه النساء بشهوة؟".(إلى كل فتاة تؤمن بالله.ص:50).
- قال الصابوني صاحب كتاب صفوة التفاسير :"لقد شرط الفقهاء - الذين قالوا بأن الوجه ليس بعورة - أمن الفتنة فقالوا: الوجه ليس بعورة، ولكن يحرم كشفه خشية الفتنة، فهل الفتنة مأمونة في مثل هذا الزمان؟".( روائع البيان تفسير آيات الأحكام.173/2). وله كلام حسن فليراجع.
والله الموفق.