حكم القراءة الجماعية للقرآن عند الإمام مالك

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل عيدكم مبارك سعيد تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
أريد أن أسألك حول موضوع
ماحكم قراءة القرآن جماعة عند المالكية وفي نظرك انت

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

اختلف العلماء في حكم القراءة الجماعية للقرآن :

فذهب قوم إلى استحباب ذلك، قال البهوتي الحنبلي: «ولا تكره قراءة ‌جماعة ‌بصوت ‌واحد». [شرح منتهى الإرادات للبهوتي (1/ 255 ط عالم الكتب)]. وقال النووي الشافعي : «أعلم أن قراءة ‌الجماعة ‌مجتمعين ‌مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة». [التبيان في آداب حملة القرآن (ص101)].

واستدلوا بقوله ﷺ :«وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ‌ويتدارسونه ‌بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». [صحيح مسلم (8/ 71 ط التركية)].

لكن المالكية لم يقبلوا هذا وعدوه من البدع،  فقد ورد عن مالك : «لم يكن من عمل الناس ورآها بدعة». [الجامع لمسائل المدونة (2/ 690)]. وقال ابن الحاجة المالكي : «لم يختلف قول مالك أن القراءة جماعة والذكر جماعة من البدع المكروهة». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 64)].

وردوا على استدلال الإمام النووي بإنه لم يذكر فيه أنهم اجتمعوا على ذلك يتراسلون بينهم صوتا واحدا، بل ذلك عام هل كان على صوت واحد أم لا؟. وقد دل الدليل على أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك . فالدراسة المذكورة تشعر بأنهم لم يجتمعوا على التلاوة صوتا واحدا متراسلين؛ لأن المدارسة إنما تكون تلقينا أو عرضا، وهذا هو المروي عنهم. أما الاجتماع على صوت واحد فليس بمروي عنهم.

ودليل من قال ببدعيتها :
-    أنها أمر محدث لم يكن على عهد النبي ﷺ.
-    عدم الإنصات، فلا ينصت منهم أحد للآخر، بل يجهر عليه، وقد قال النبي ﷺ : «ولا يجهر بعضكم ‌على ‌بعض ‌بالقراءة». [مسند أحمد (9/ 251 ط الرسالة)].
-    فيه تقطيع للقرآن، وأن القارئ يحتاج إلى التنفس فيترك آية أو أكثر. وقد يحدث التنفس في المد فيقطع الكلمة إلى نصفين.
-    فيه تشبه بأهل الكتاب كما الحال في كنائسهم. [راجع : الحسام الماحق. تقي الدين الهلالي. ص 99].
وقد ذكر الشيخ المختار السوسي إنكار علماء المغرب وقال«الأدهى والأمر هذه القراءة المحدثة الي يسمونها (تحزابت) وهي بلا شك حرام، طالما قام علماؤنها كالأدوزيين والجشتميين ينادون في الأسواق والمواسم برحمة قراءة القرآن بها».[مدارس سوس العتيقة. ص 35]. ثم ذكر ما يحصل عند قراءتها من الأمور المنكرات وسخرية واستهزاء بمن أخطأ..

والعجب ليس في الخلاف حقيقة، وإنما في المالكية الذين يدعون اتباع مالك رحمه الله.