الأذان والإقامة في أذن المولود
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت إحدى الأخوات تقول أن الآذان في أذن المولود بدعة
ولما بحثت عن الأمر وجدت أنه هناك من العلماء من يقول أنها بدعة لا أصلا لها مثل الشيخ عبد العزيز الطريفي فك الله أسره ، والشيخ محمد فركوس.
في حين أن فتاوى كل من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ صالح الفوزان حفظه الله تقول أن هذه المسألة سنة. أيهما الأصح؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المنهج القويم ان يكون البحث في كلام العلماء المتقدمين أولا، ثم في المعاصرين، فهذا هو المنهج الصواب بالنسبة لطالب العلم المجتهد حتى تصير له ملكة وقوية، وهو دليل مطالعته وتوسعه، اما كلام المعاصرين فهو متوفر للجميع ولا يعتبر هذا تنقيصا من أحد، لكن طالب العلم يتوسع.
الأذان والإقامة في أذن المولود مما اختلف فيه العلماء، فالذي يقول به الإمام مالك أنه لا يجوز، «قال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في كتاب الجامع من مختصر المدونة وكره مالك أن يؤذن في أذن الصبي المولود انتهى. وقال في النوادر بإثر العقيقة في ترجمة الختان، والخفاض، وأنكر مالك أن يؤذن في أذنه حين يولد». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 434)].
وخالف المالكية أنفسهم مالكا وقالوا «وقد جرى عمل الناس بذلك فلا بأس بالعمل به». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 434)]. وقالوا هذا بعد ذكر قول الشافعية فعندهم الاذان مستحب، بل توسعوا في هذا وقالوا :«يسن الأذان في أذن المولود حين يولد، وفي أذن المهموم فإنه يزيل الهم، وخلف المسافر، ووقت الحريق، وعند مزدحم الجيش، وعند تغول الغيلان وعند الضلال في السفر، وللمصروع، والغضبان، ومن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة، وعند إنزال الميت القبر قياسا على أول خروجه إلى الدنيا». [الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 373)].
والإمام مالك رحمه لا يرى صحة الأحاديث تلك، بينما يرى غيره صحتها وهذا سبب الخلاف.
فقد روى أحمد : 23869 - حدثنا يحيى، وعبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أذن في أذني الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة " .
قلت : عاصم بن عبيد الله ضعيف. وقد خولف فيه سفيان رواه حماد بن شعيب، عن عاصم بن عبيد الله، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع «أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن والحسين رضي الله عنهما حين ولدا، وأمر به». [المعجم الكبير للطبراني (1/ 313)].
ورواه أبو يعلى : «6780 - حدثنا جبارة، حدثنا يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله، عن حسين، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ولد له فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، لم تضره أم الصبيان"». [مسند أبي يعلى - ت السناري (9/ 173)].
قلت : هذا باطل بمره، جبارة بن المغلس ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل: عرض عليها أحاديث له، فأنكر هذا وقال في بعض ما عرضت عليه مما سمعت: هذه موضوعة، أو هي كذب. وعن عن يحيى بن معين: كذا». [تهذيب الكمال في أسماء الرجال (4/ 491)].
ويحيى بن العلاء قال فيه ابن حبان: «كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات التي إذا سمعها من الحديث صناعته سبق إلى قلبه أنه كان المتعمد لذلك، لا يجوز الاحتجاج به، كان وكيع شديد العمل عليه». [المجروحين لابن حبان ت حمدي (2/ 467)]. ومروان بن سلم متروك كما قال النسائي. [الكامل في ضعفاء الرجال (8/ 119)].
ولم صح في الباب شيء ولا عن أحد من الصحابة فيما أعلم.
وقد صح الأذان عند سماع صوت دون إيجاد مصدره أو عند حركة غريبة، فعن عن سهيل قال: « أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه. قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا، فذكرت ذلك لأبي فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال: إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ولى وله حصاص. [صحيح مسلم (2/ 6 ط التركية)].
و«عن يسير بن عمرو قال: ذكرت الغيلان عند عمر رحمه الله فقال: إنه ليس من شيء يستطيع أن يتغير عن خلق الله الذي خلقه، ولكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا رأيتم من ذلك شيئا فأذنوا». [مصنف ابن أبي شيبة (16/ 327 ت الشثري)].
ولم يصح أذان في أذن مهموم ولا خلف مسافر، ولا وقت حريق، ولا عند مزدحم الجيش، أو ضلال في السفر، ولا لمصروع، أو غضبان، أو من ساء خلقه من إنسان أو بهيمة، أو عند إنزال الميت القبر.
الخلاصة : لم يصح في الاذان في أذن المولود حديث، وهو بدعة عند مالك نفسه، وخالفه في ذلك المالكية والشافعية فقالوا بالاستحباب، فلا يحكم بانه بدعة عند من يرى صحة الحديث.
ونحن نرى أنه لا يشرع ولا ننكر على مقلد من يرى ذلك. فقد صححه الترمذي [سنن الترمذي (3/ 176 ت بشار)] والنووي [المجموع شرح المهذب (8/ 434)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.
المنهج القويم ان يكون البحث في كلام العلماء المتقدمين أولا، ثم في المعاصرين، فهذا هو المنهج الصواب بالنسبة لطالب العلم المجتهد حتى تصير له ملكة وقوية، وهو دليل مطالعته وتوسعه، اما كلام المعاصرين فهو متوفر للجميع ولا يعتبر هذا تنقيصا من أحد، لكن طالب العلم يتوسع.
الأذان والإقامة في أذن المولود مما اختلف فيه العلماء، فالذي يقول به الإمام مالك أنه لا يجوز، «قال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في كتاب الجامع من مختصر المدونة وكره مالك أن يؤذن في أذن الصبي المولود انتهى. وقال في النوادر بإثر العقيقة في ترجمة الختان، والخفاض، وأنكر مالك أن يؤذن في أذنه حين يولد». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 434)].
وخالف المالكية أنفسهم مالكا وقالوا «وقد جرى عمل الناس بذلك فلا بأس بالعمل به». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 434)]. وقالوا هذا بعد ذكر قول الشافعية فعندهم الاذان مستحب، بل توسعوا في هذا وقالوا :«يسن الأذان في أذن المولود حين يولد، وفي أذن المهموم فإنه يزيل الهم، وخلف المسافر، ووقت الحريق، وعند مزدحم الجيش، وعند تغول الغيلان وعند الضلال في السفر، وللمصروع، والغضبان، ومن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة، وعند إنزال الميت القبر قياسا على أول خروجه إلى الدنيا». [الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 373)].
والإمام مالك رحمه لا يرى صحة الأحاديث تلك، بينما يرى غيره صحتها وهذا سبب الخلاف.
فقد روى أحمد : 23869 - حدثنا يحيى، وعبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أذن في أذني الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة " .
قلت : عاصم بن عبيد الله ضعيف. وقد خولف فيه سفيان رواه حماد بن شعيب، عن عاصم بن عبيد الله، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع «أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن والحسين رضي الله عنهما حين ولدا، وأمر به». [المعجم الكبير للطبراني (1/ 313)].
ورواه أبو يعلى : «6780 - حدثنا جبارة، حدثنا يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله، عن حسين، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ولد له فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، لم تضره أم الصبيان"». [مسند أبي يعلى - ت السناري (9/ 173)].
قلت : هذا باطل بمره، جبارة بن المغلس ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل: عرض عليها أحاديث له، فأنكر هذا وقال في بعض ما عرضت عليه مما سمعت: هذه موضوعة، أو هي كذب. وعن عن يحيى بن معين: كذا». [تهذيب الكمال في أسماء الرجال (4/ 491)].
ويحيى بن العلاء قال فيه ابن حبان: «كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات التي إذا سمعها من الحديث صناعته سبق إلى قلبه أنه كان المتعمد لذلك، لا يجوز الاحتجاج به، كان وكيع شديد العمل عليه». [المجروحين لابن حبان ت حمدي (2/ 467)]. ومروان بن سلم متروك كما قال النسائي. [الكامل في ضعفاء الرجال (8/ 119)].
ولم صح في الباب شيء ولا عن أحد من الصحابة فيما أعلم.
وقد صح الأذان عند سماع صوت دون إيجاد مصدره أو عند حركة غريبة، فعن عن سهيل قال: « أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه. قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا، فذكرت ذلك لأبي فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال: إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ولى وله حصاص. [صحيح مسلم (2/ 6 ط التركية)].
و«عن يسير بن عمرو قال: ذكرت الغيلان عند عمر رحمه الله فقال: إنه ليس من شيء يستطيع أن يتغير عن خلق الله الذي خلقه، ولكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا رأيتم من ذلك شيئا فأذنوا». [مصنف ابن أبي شيبة (16/ 327 ت الشثري)].
ولم يصح أذان في أذن مهموم ولا خلف مسافر، ولا وقت حريق، ولا عند مزدحم الجيش، أو ضلال في السفر، ولا لمصروع، أو غضبان، أو من ساء خلقه من إنسان أو بهيمة، أو عند إنزال الميت القبر.
الخلاصة : لم يصح في الاذان في أذن المولود حديث، وهو بدعة عند مالك نفسه، وخالفه في ذلك المالكية والشافعية فقالوا بالاستحباب، فلا يحكم بانه بدعة عند من يرى صحة الحديث.
ونحن نرى أنه لا يشرع ولا ننكر على مقلد من يرى ذلك. فقد صححه الترمذي [سنن الترمذي (3/ 176 ت بشار)] والنووي [المجموع شرح المهذب (8/ 434)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.