البناء على القبور
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله وبياكم
ماحكم البناء على القبور ؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحديث عن البناء على القبر يوجب الحديث عن ثلاثة أمور :
- الأول : تجصيص القبر، وهو بناء القبر أو طليه، بالجص، وهذا اتفق الفقهاء على كراهيته، عن جابر قال: « نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه .». [صحيح مسلم (3/ 62 ط التركية)].
- الثاني : تطيين القبر، واختلف الفقهاء في تطيين القبر، فذهب الحنفية - في المختار - والحنابلة إلى جواز تطيين القبر، «سئل أحمد عن تطيين القبور. فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. ورخص في ذلك الحسن، والشافعى». [المغني لابن قدامة (3/ 439 ت التركي)]. ودليل هذا ما رواه القاسم قال: «دخلت على عائشة، فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء». [سنن أبي داود (3/ 208 ط مع عون المعبود)]. وقوله (العرصة الحمراء) يراد أن عليها ترابا أحمر. وقالوا لم يرد أي حديث في التطيين إنما الوارد في التجصيص. [المغني لابن قدامة (3/ 439 ت التركي)].
بينما ذهب المالكية وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية إلى كراهة تطيين القبر. جاء في مواهب الجليل : «يكره تطيين القبر أي أن يجعل عليه الطين والحجارة». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 242)]. وهؤلاء قاسوه على التجصيص وقالوا كلاهما فيه تزيين للقبر.
- الثالث : البناء على لقبر، وللفقهاء فيه كلام متفرع وطويل ويمكن أن يجمل : أنهم اتفقوا على تحريم البناء على لقبر في الأرض المسبلة أي التي هي وقف لدفن موتى المسلمين كما هو حالها اليوم. واتفقوا على تحريم البناء عليها إن كنا طلبا للفخر والمباهاة.
وإنما اختلفوا في غير ذلك، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهة البناء على القبر في الجملة، غير أن المالكية أباحوا ذلك لتمييز القبر.
وسبب الخلاف هنا هو النظر إلى الحديث الذي نهى على البناء، فمن نظر إلى العلة قال إنما نهى عن ذلك للزينة والتفاخر، فإن انتفت العلة جاز.
والحق أن البناء على القبور منهي عنه للأحاديث الكثيرة. عن جابر قال: « نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه .». [صحيح مسلم (3/ 62 ط التركية)].
وإنما العلة ليست فقط في الزينة والمفاخرة بل في التعظيم أيضا، كما قال الإمام الشوكاني: «فإن الجاهل إذا وقعت عينه على قبر من القبور قد بنيت عليه قبة فدخلها، ونظر على القبور الستور الرائعة، والسرج المتلألئة، وقد سطعت حوله مجامر الطيب، فلا شك ولا ريب أنه يمتلئ قلبه تعظيما لذلك القبر، ويضيق ذهنه عن تصور ما لهذا الميت من المنزلة ويدخله من الروعة والمهابة ما يزرع في قلبه من العقائد الشيطانية التي هي من أعظم مكائد الشيطان للمسلمين، وأشد وسائله إلى ضلال العباد ما يزلزله عن الإسلام قليلا قليلا». [شرح الصدور بتحريم رفع القبور (ص17)].
وهذا مما لا ينبغي الخلاف حوله، قال الشوكاني: «اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضوان الله عنهم إلى هذا الوقت: أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها، كما يأتي بيانه، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين». [شرح الصدور بتحريم رفع القبور (ص8)].
وهو قول مالك رحمه الله، قال محمد بن رشد :«كره مالك البناء على القبر، وأن يجعل عليه البلاطة المكتوبة؛ لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول - إرادة الفخر والمباهاة والسمعة، فذلك مما لا اختلاف في كراهته». [البيان والتحصيل (2/ 221)].
• الحاصل : المشروع في المقابر هو رد تراب الحفرة إليها وجمعه عليها بهيئة التسنيم حتى ترتفع نحو شبر باعتبار الوسط، ولا يزاد على ذلك إلا ما ثبت، كوضع شيء من الحصى لا يزيد في الارتفاع، ووضع حجر عند رأس القبر علامة بشرطه ولا بأس بكتابة اسم الميت ليعرف وإبراز القبر. راجع : [شرح الصدور في تحريم رفع القبور، للشوكاني]. [كتاب القاضي العدل في حكم البناء على القبور، كلاهما لتقي الدين محمد بن عبد القادر الهلالي]. [عمارة القبور في الإسلام للمعلمي اليماني].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.
الحديث عن البناء على القبر يوجب الحديث عن ثلاثة أمور :
- الأول : تجصيص القبر، وهو بناء القبر أو طليه، بالجص، وهذا اتفق الفقهاء على كراهيته، عن جابر قال: « نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه .». [صحيح مسلم (3/ 62 ط التركية)].
- الثاني : تطيين القبر، واختلف الفقهاء في تطيين القبر، فذهب الحنفية - في المختار - والحنابلة إلى جواز تطيين القبر، «سئل أحمد عن تطيين القبور. فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. ورخص في ذلك الحسن، والشافعى». [المغني لابن قدامة (3/ 439 ت التركي)]. ودليل هذا ما رواه القاسم قال: «دخلت على عائشة، فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء». [سنن أبي داود (3/ 208 ط مع عون المعبود)]. وقوله (العرصة الحمراء) يراد أن عليها ترابا أحمر. وقالوا لم يرد أي حديث في التطيين إنما الوارد في التجصيص. [المغني لابن قدامة (3/ 439 ت التركي)].
بينما ذهب المالكية وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية إلى كراهة تطيين القبر. جاء في مواهب الجليل : «يكره تطيين القبر أي أن يجعل عليه الطين والحجارة». [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 242)]. وهؤلاء قاسوه على التجصيص وقالوا كلاهما فيه تزيين للقبر.
- الثالث : البناء على لقبر، وللفقهاء فيه كلام متفرع وطويل ويمكن أن يجمل : أنهم اتفقوا على تحريم البناء على لقبر في الأرض المسبلة أي التي هي وقف لدفن موتى المسلمين كما هو حالها اليوم. واتفقوا على تحريم البناء عليها إن كنا طلبا للفخر والمباهاة.
وإنما اختلفوا في غير ذلك، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهة البناء على القبر في الجملة، غير أن المالكية أباحوا ذلك لتمييز القبر.
وسبب الخلاف هنا هو النظر إلى الحديث الذي نهى على البناء، فمن نظر إلى العلة قال إنما نهى عن ذلك للزينة والتفاخر، فإن انتفت العلة جاز.
والحق أن البناء على القبور منهي عنه للأحاديث الكثيرة. عن جابر قال: « نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه .». [صحيح مسلم (3/ 62 ط التركية)].
وإنما العلة ليست فقط في الزينة والمفاخرة بل في التعظيم أيضا، كما قال الإمام الشوكاني: «فإن الجاهل إذا وقعت عينه على قبر من القبور قد بنيت عليه قبة فدخلها، ونظر على القبور الستور الرائعة، والسرج المتلألئة، وقد سطعت حوله مجامر الطيب، فلا شك ولا ريب أنه يمتلئ قلبه تعظيما لذلك القبر، ويضيق ذهنه عن تصور ما لهذا الميت من المنزلة ويدخله من الروعة والمهابة ما يزرع في قلبه من العقائد الشيطانية التي هي من أعظم مكائد الشيطان للمسلمين، وأشد وسائله إلى ضلال العباد ما يزلزله عن الإسلام قليلا قليلا». [شرح الصدور بتحريم رفع القبور (ص17)].
وهذا مما لا ينبغي الخلاف حوله، قال الشوكاني: «اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضوان الله عنهم إلى هذا الوقت: أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها، كما يأتي بيانه، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين». [شرح الصدور بتحريم رفع القبور (ص8)].
وهو قول مالك رحمه الله، قال محمد بن رشد :«كره مالك البناء على القبر، وأن يجعل عليه البلاطة المكتوبة؛ لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول - إرادة الفخر والمباهاة والسمعة، فذلك مما لا اختلاف في كراهته». [البيان والتحصيل (2/ 221)].
• الحاصل : المشروع في المقابر هو رد تراب الحفرة إليها وجمعه عليها بهيئة التسنيم حتى ترتفع نحو شبر باعتبار الوسط، ولا يزاد على ذلك إلا ما ثبت، كوضع شيء من الحصى لا يزيد في الارتفاع، ووضع حجر عند رأس القبر علامة بشرطه ولا بأس بكتابة اسم الميت ليعرف وإبراز القبر. راجع : [شرح الصدور في تحريم رفع القبور، للشوكاني]. [كتاب القاضي العدل في حكم البناء على القبور، كلاهما لتقي الدين محمد بن عبد القادر الهلالي]. [عمارة القبور في الإسلام للمعلمي اليماني].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.