حكم قراءة القرآن بالمقامات

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز تعلم المقامات للقرآن؟.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

قراءة القرءان بالمقامات من علامات الساعة، قال رسول الله ﷺ:«ونشء ‌يتخذون ‌القرآن ‌مزامير، يقدمون الرجل ليس بأفقههم، ولا أعلمهم، ولا بأفضلهم، يغنيهم غناء». [المعجم الأوسط للطبراني (1/ 212)]
قال الطرطوشي المالكي: «فأما أصحاب الألحان؛ فإنما حدثوا في القرن الرابع؛ منهم: محمد بن سعيد صاحب الألحان، والكرماني، والهيثم، وأبان … فكانوا مهجورين عند العلماء، فنقلوا القراءة إلى ‌أوضاع ‌لحون ‌الأغاني، فمدوا المقصور، وقصروا الممدود، وحركوا الساكن، وسكنوا المتحرك، وزادوا في الحرف، ونقصوا منه، وجزموا المتحرك، وحركوا المجزوم؛ لاستيفاء نغمات الأغاني المطربة». [الحوادث والبدع (ص85)].

وقد انكر الإمام مالك التلحين في القرآن فقال «ولا تعجبني ‌القراءة ‌بالألحان، ولا أحبها في رمضان ولا في غيره؛ لأنه يشبه الغناء، ويضحك بالقرآن، فيقال: فلان أقرأ من فلان». [الحوادث والبدع (ص83)].

جاء في المدونة: «أكان مالك يكره الغناء؟ قال: كره ‌مالك ‌قراءة ‌القرآن بالألحان». [المدونة (3/ 432)].

وقال الإمام مالك: «إنما هو ‌غناء ‌يتغنون ‌به ‌ليأخذوا ‌عليه الدراهم». [تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (1/ 11)].

والذين أباحوا استدلوا بحديث «‌زينوا ‌القرآن ‌بأصواتكم». [سنن ابن ماجه (1/ 426 ت عبد الباقي)]. والجواب من وجهين :
- هو من باب المقلوب ; أي زينوا أصواتكم بالقرآن .
- أو أن التزيين هو التحسين بالترتيل.

وذكروا حديث «ليس منا من لم ‌يتغن ‌بالقرآن.». [صحيح البخاري (9/ 154 ط السلطانية)].

ويجاب :

" لفظ التغني يحتمل ثلاثة معان:
أحدها: الاستغناء. وقيل ان التغني لا يرد بهذا المعنى، قال القرطبي «ما ادعاه الطبري من ‌أنه ‌لم ‌يرد ‌في ‌كلام ‌العرب ‌تغنى ‌بمعنى ‌استغنى، فقد ذكره الجوهري كما ذكرنا، وذكره الهروي أيضا». [تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (1/ 14)].

والقول الثاني: أن المراد به الجهر، حكى أبو سليمان الخطابي: يتغنى؛ إذا أعلى صوته، وزعم أن رجلا منهم قال لآخر: غن يا ابن أخي! يقول: سل حاجتك، وارفع صوتك.
والثالث: تحسين الصوت، فإنا نستحب تحسين الصوت، وهو الترتيل والحدر والتحزن.

قلت : ومربط الفهم قوله :"منا". فكيف كانوا هم؟. قال ابن القيم:"(ليس منا من لم يتغن بالقرآن) ، وفيه وجهان : أحدهما: أنه إخبار ‌بالواقع ‌الذي ‌كلنا ‌نفعله. والثاني: أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته صلى الله عليه وسلم. [زاد المعاد في هدي خير العباد - ط الرسالة (1/ 474)]


- واستدلوا بحديث «أبى موسى قال: قال لى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو رأيتنى وأنا أسمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود". فقال: لو ‌علمت ‌لحبرته ‌لك ‌تحبيرا». [السنن الكبير للبيهقي (21/ 166 ت التركي)].

قال القرطبي ‌والتحبير: ‌التزيين ‌والتحسين، فلو علم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعه لمد في قراءته ورتلها، كما كان يقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك زيادة في حسن صوته بالقراءة. ومعاذ الله أن يتأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يقول: إن القرآن يزين بالأصوات أو بغيرها، فمن تأول هذا فقد واقع أمرا عظيما أن يحوج القرآن إلى من يزينه، وهو النور والضياء والزين الأعلى لمن ألبس بهجته واستنار بضيائه. وقد قيل: إن الأمر بالتزيين اكتساب القراءات وتزيينها بأصواتنا وتقدير ذلك، أي زينو القراءة بأصواتكم، فيكون القرآن بمعنى القراءة، كما قال تعالى {وقرآن الفجر}أي قراءة الفجر، وقوله:{فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي قراءته. [تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (1/ 12)].

فهذه المقامات الموسيقية لا يحل تنزيلها على كلام الله، والمسلم يحسن صوته بالقرآن سجية دون الدخول في هذه المقامات، حتى سمعنا أن بعض القراء يسjمع للموسيقى والمغنيين حتى يضبط هذه القواعد ! .


المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.