سجود الشكر
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله دكتورنا الكريم. ما هي شروط سجود الشكر الذي صرنا نراه كثيرا هذه الأيام؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
• الحاصل : سجود الشكر مكروه عند الإمام مالك وأبي حنيفة، ومستحب عند الشافعية والحنابلة وابن حزم، غير أن من قال بمشروعيته اشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة واستقبال قبلة وطهارة ثوب.. إلا ابن حزم.
التفصيل :
- سجود الشكر هو : سجدة يفعلها الإنسان عند هجوم نعمة، أو اندفاع نقمة. [الموسوعة الفقهية الكويتية (24/ 246)].
- اختلف العلماء في حكم سجود الشكر :
فقد ذهب الإمام مالك إلى أنه مكروه، ففي المدونة «وسألت مالكا عن سجود الشكر يبشر الرجل ببشارة فيخر ساجدا؟. فكره ذلك». [المدونة (1/ 197)]. وهو مذهب المالكية، قال خليل : «وكره سجود شكر أو زلزلة وجهر بها بمسجد وقراءة بتلحين». [مختصر خليل (ص38)]. ودليل مالك رحمه الله أن يخالف العمل، ففي العتبية : «أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه سجد في فتح اليمامة شكرا قال ما سمعت ذلك وأرى أنهم كذبوا على أبي بكر وقد فتح الله على رسوله - ﷺ - وعلى المسلمين فما سمعت أن أحدا منهم سجد». [شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (1/ 481)].
وكذلك «بأن النبي ﷺ شكا إليه رجل القحط وهو يخطب فرفع يديه ودعا فسقوا في الحال ودام المطر إلى الجمعة الأخرى فقال رجل يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل فادع الله يرفعه عنا فدعي فرفعه في الحال، والحديث في الصحيحين من رواية أنس. وموضع الدلالة أنه ﷺ لم يسجد لتجدد نعمة المطر أولا ولا لدفع نقمته آخرا قالوا ولأن الإنسان لا يخلو من نعمة فإن كلفه لزم الحرج». [المجموع شرح المهذب (4/ 70 ط المنيرية)].
وبالكراهة قال أبو حنيفة واختلف في مقصوده الحنفية .[حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي (2/ 119)].
وقال قوم هو مستحب، وهو قول الشافعية.[المجموع شرح المهذب (4/ 70 ط المنيرية)]. والحنابلة.[المغني لابن قدامة (2/ 371 ت التركي)]. وابن حزم .[المحلى بالآثار (3/ 331)] وحجتهم قول ربنا : ﴿وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَ̅خَ̅رَّ̅ ̅رَ̅ا̅كِ̅عࣰ̅ا̅ وَأَنَابَ﴾ [ص: 24] .
وما ورد في السنة عن أبي بكرة، أن النبي ﷺ «كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به، خر ساجدا، شكرا لله تبارك وتعالى». [سنن ابن ماجه (1/ 446 ت عبد الباقي)]. وعن كعب بن مالك : «سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج». [صحيح البخاري (6/ 6 ط السلطانية)].
- من قال بمشروعية سجود الشكر اشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة واستقبال قبلة، لأنه صلاة كالقول في سجود التلاوة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صليت مع النبي ﷺ سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة. [صحيح البخاري (2/ 57 ط السلطانية)]. فسمى السجود صلاة، و«عن ابن عمر أنه قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر». [السنن الكبرى - البيهقي (1/ 274 ت التركي)].
وخالفهم ابن حزم فقال هو ليست صلاة، لقول النبي ﷺ : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.». [صحيح البخاري (1/ 152 ط السلطانية)]. قالوا النص نفى الصلاة من غير فاتحة، والمعلوم أن سجود الشكر لا فاتحة له فلا يسمى صلاة.
وكذا قوله ﷺ :«مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم». [سنن أبي داود (1/ 238 ط مع عون المعبود)]. وسجود الشكر يفتقر للسلام.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي ﷺ سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس،». [صحيح البخاري (2/ 41 ط السلطانية)]. ولا يتصور ان يكون كل من حضر على طهارة، فيقال في الشكر مثله.
وقال البخاري :«وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير وضوء». [صحيح البخاري (1/ 364 ت البغا)].
وقياسه على الصلاة ممتنع لوجهين:
الوجه الأول : أن الفارق بينه وبين الصلاة أظهر وأكثر من الجامع، إذ لا قراءة فيه ولا ركوع، ولا فرضا، ولا سنة ثابتة بالتسليم، ويجوز أن يكون القارئ خلف الإمام فيه، ولا مصافة فيه. وليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق.
الوجه الثاني: أن هذا القياس إنما ينفع ــ لو كان صحيحا ــ إذا لم يكن الشيء المقيس قد فعل على عهد النبي - ﷺ -، ثم تقع الحادثة، فيحتاج المجتهد أن يلحقها بما وقع على عهده - ﷺ - من الحوادث أو شملها نصه «وأما مع سجوده وسجود أصحابه وإطلاق الإذن في ذلك من غير تقييد بوضوء، فيمتنع التقييد به». [تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (1/ 43)].
- اختلف الذين قالوا بمشروعيته في كيفته، فقال الشافعية والحنابلة إذا أراد أن يسجد للشكر لله تعالى يستقبل القبلة ويكبر ويسجد سجدة يحمد الله تعالى فيها ويسبحه ثم يكبر تكبيرة أخرى ويرفع رأسه. إلا ابن حزم فلم يشترط كل هذا. فهو جائز بلا وضوء، وللجنب وللحائض وإلى غير القبلة كسائر الذكر ولا فرق. وهذا تخريجا على قوله في سجود التلاوة. [المحلى بالآثار (1/ 97)].
- ولا يصح سجود الشكر في الصلاة، فمن فعل بطلت صلاته. وللسجود أحكام أخرى راجعها في [المجموع شرح المهذب (4/ 67 ط المنيرية)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.
بارك الله فيكم.
• الحاصل : سجود الشكر مكروه عند الإمام مالك وأبي حنيفة، ومستحب عند الشافعية والحنابلة وابن حزم، غير أن من قال بمشروعيته اشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة واستقبال قبلة وطهارة ثوب.. إلا ابن حزم.
التفصيل :
- سجود الشكر هو : سجدة يفعلها الإنسان عند هجوم نعمة، أو اندفاع نقمة. [الموسوعة الفقهية الكويتية (24/ 246)].
- اختلف العلماء في حكم سجود الشكر :
فقد ذهب الإمام مالك إلى أنه مكروه، ففي المدونة «وسألت مالكا عن سجود الشكر يبشر الرجل ببشارة فيخر ساجدا؟. فكره ذلك». [المدونة (1/ 197)]. وهو مذهب المالكية، قال خليل : «وكره سجود شكر أو زلزلة وجهر بها بمسجد وقراءة بتلحين». [مختصر خليل (ص38)]. ودليل مالك رحمه الله أن يخالف العمل، ففي العتبية : «أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه سجد في فتح اليمامة شكرا قال ما سمعت ذلك وأرى أنهم كذبوا على أبي بكر وقد فتح الله على رسوله - ﷺ - وعلى المسلمين فما سمعت أن أحدا منهم سجد». [شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (1/ 481)].
وكذلك «بأن النبي ﷺ شكا إليه رجل القحط وهو يخطب فرفع يديه ودعا فسقوا في الحال ودام المطر إلى الجمعة الأخرى فقال رجل يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل فادع الله يرفعه عنا فدعي فرفعه في الحال، والحديث في الصحيحين من رواية أنس. وموضع الدلالة أنه ﷺ لم يسجد لتجدد نعمة المطر أولا ولا لدفع نقمته آخرا قالوا ولأن الإنسان لا يخلو من نعمة فإن كلفه لزم الحرج». [المجموع شرح المهذب (4/ 70 ط المنيرية)].
وبالكراهة قال أبو حنيفة واختلف في مقصوده الحنفية .[حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي (2/ 119)].
وقال قوم هو مستحب، وهو قول الشافعية.[المجموع شرح المهذب (4/ 70 ط المنيرية)]. والحنابلة.[المغني لابن قدامة (2/ 371 ت التركي)]. وابن حزم .[المحلى بالآثار (3/ 331)] وحجتهم قول ربنا : ﴿وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَ̅خَ̅رَّ̅ ̅رَ̅ا̅كِ̅عࣰ̅ا̅ وَأَنَابَ﴾ [ص: 24] .
وما ورد في السنة عن أبي بكرة، أن النبي ﷺ «كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به، خر ساجدا، شكرا لله تبارك وتعالى». [سنن ابن ماجه (1/ 446 ت عبد الباقي)]. وعن كعب بن مالك : «سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج». [صحيح البخاري (6/ 6 ط السلطانية)].
- من قال بمشروعية سجود الشكر اشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة واستقبال قبلة، لأنه صلاة كالقول في سجود التلاوة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صليت مع النبي ﷺ سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة. [صحيح البخاري (2/ 57 ط السلطانية)]. فسمى السجود صلاة، و«عن ابن عمر أنه قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر». [السنن الكبرى - البيهقي (1/ 274 ت التركي)].
وخالفهم ابن حزم فقال هو ليست صلاة، لقول النبي ﷺ : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.». [صحيح البخاري (1/ 152 ط السلطانية)]. قالوا النص نفى الصلاة من غير فاتحة، والمعلوم أن سجود الشكر لا فاتحة له فلا يسمى صلاة.
وكذا قوله ﷺ :«مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم». [سنن أبي داود (1/ 238 ط مع عون المعبود)]. وسجود الشكر يفتقر للسلام.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي ﷺ سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس،». [صحيح البخاري (2/ 41 ط السلطانية)]. ولا يتصور ان يكون كل من حضر على طهارة، فيقال في الشكر مثله.
وقال البخاري :«وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير وضوء». [صحيح البخاري (1/ 364 ت البغا)].
وقياسه على الصلاة ممتنع لوجهين:
الوجه الأول : أن الفارق بينه وبين الصلاة أظهر وأكثر من الجامع، إذ لا قراءة فيه ولا ركوع، ولا فرضا، ولا سنة ثابتة بالتسليم، ويجوز أن يكون القارئ خلف الإمام فيه، ولا مصافة فيه. وليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق.
الوجه الثاني: أن هذا القياس إنما ينفع ــ لو كان صحيحا ــ إذا لم يكن الشيء المقيس قد فعل على عهد النبي - ﷺ -، ثم تقع الحادثة، فيحتاج المجتهد أن يلحقها بما وقع على عهده - ﷺ - من الحوادث أو شملها نصه «وأما مع سجوده وسجود أصحابه وإطلاق الإذن في ذلك من غير تقييد بوضوء، فيمتنع التقييد به». [تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (1/ 43)].
- اختلف الذين قالوا بمشروعيته في كيفته، فقال الشافعية والحنابلة إذا أراد أن يسجد للشكر لله تعالى يستقبل القبلة ويكبر ويسجد سجدة يحمد الله تعالى فيها ويسبحه ثم يكبر تكبيرة أخرى ويرفع رأسه. إلا ابن حزم فلم يشترط كل هذا. فهو جائز بلا وضوء، وللجنب وللحائض وإلى غير القبلة كسائر الذكر ولا فرق. وهذا تخريجا على قوله في سجود التلاوة. [المحلى بالآثار (1/ 97)].
- ولا يصح سجود الشكر في الصلاة، فمن فعل بطلت صلاته. وللسجود أحكام أخرى راجعها في [المجموع شرح المهذب (4/ 67 ط المنيرية)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.