لا خلاف في تلبس الجن بالإنس

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله شيخنا .
خرج الشيخ محمد بنطاهر السوسي بهذا الفيوديو ينكر فيه دخول الجن في الانسي وينكر تكلمه بلسانه..
ما ردكم على هذا الكلام شيخنا حفظكم الله.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

•  الخلاصة : «تلبس الجن بالإنس ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، ونص على ذلك السلف وأهل التفسير والفقهاء، ولم يخالف في ذلك أحد، ووصف المخالف بالغفل كلام قبيح».اهـ.

تلبس الجن بالإنس ثابت بالقرآن والسنة والإجماع. فقد قال ربنا :﴿ٱلَّذِينَ ‌يَأۡكُلُونَ ‌ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّ﴾ [البقرة: 275]. عن قتادة ، في قوله تعالى: {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة: 275] قال: «هو التخييل الذي ‌يتخبله ‌الشيطان ‌من ‌الجنون». [تفسير عبد الرزاق (1/ 374)].

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، قلت لأبي : «الأطباء يقولون أن الجني لا يدخل بدن الإنسي فقال ‌يا ‌بني ‌يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه». [الصفدية (1/ 180)].

وهذا الذي قال أهل التفسير، قال ابن كثير : «لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له». [تفسير ابن كثير - ت السلامة (1/ 708)]. وقال القرطبي المالكي : «في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس، وقد مضى الرد عليهم فيما تقدم من هذا الكتاب». [تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (3/ 355)].


 وعن ‌عطاء بن أبي رباح قال: « قال لي ‌ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع، ‌وإني ‌أتكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك قالت: أصبر قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها .». [صحيح مسلم (8/ 16 ط التركية)].  وقد ذكر ابن حجر روايات في هذا وقال: «وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط». [فتح الباري لابن حجر (10/ 115)].

ويدل هذا ما وقع لعثمان بن أبي العاص قال  :«لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله ﷺ فقال: «ابن أبي العاص؟» قلت: نعم يا رسول الله. قال: «ما جاء بك؟» قلت: يا رسول الله، عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال: «ذاك الشيطان ادنه» فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي وقال: «‌اخرج ‌عدو ‌الله» ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: «الحق بعملك» قال: فقال عثمان: «فلعمري ما أحسبه خالطني بعد». [سنن ابن ماجه (2/ 1174 ت عبد الباقي)]

وهذا لا خلاف فيه عند أهل السنة والجماعة، قال ابن تيمية حاكيا الإجماع :«وكذلك ‌دخول ‌الجني ‌في ‌بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة». [مجموع الفتاوى (24/ 276)].

وحكى الإجماع أيضا ابن حزم : «فصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مسا كما جاء في القرآن يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ كما ‌يخبر ‌به ‌عن ‌نفسه ‌كل ‌مصروع بلا خلاف منهم فيحدث الله عز وجل له الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة». [الفصل في الملل والأهواء والنحل (5/ 10)].

وهذا يظهر بطلان كلامه المخالف لما ذكرنا من قرآن وسنة وإجماع وواقع، ثم يظهر قبح وصفه لمن خالفه بـ(المغفل).

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.