الرجل الذي اشترى منه عثمان بئر رومة

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل. بارك الله فيكم وقع عندي لُبس حول بئر رومة فهل هي لرجل يهودي اسمه رومة اشتراها منه عثمان أم أنها  لرجل من الأنصار ذلك الصحابي الجليل رومة الغفاري الكناني.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.


•  الخلاصة : «رومة في الأصل اسم لامرأة، وسميت البئر بها، وقيل أن عثمان اشتراها من رومة الغفاري، ورومة ليس اسما له وإنما اسم لبئره، وقيل اشتراها من يهودي، وقد يكون هو اليهودي ثم أسلم. مع أن هذه التفاصيل لا تصح سندا».اهـ.


•   الظاهر أن (رومة) ليس اسما للصحابي، فقد ذكر البغوي :«روى عبد الرحمن المحاربي، عن أبي مسعود، عن أبي سلمة، عن بشير بن بشير الأسلمي، عن أبيه، قال: " لما قدم المهاجرون المدينة، استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني غفار عين، يقال لها: رومة، كان يبيع منها القربة بالمد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‌بعنيها ‌بعين ‌في ‌الجنة ".فقال: يا رسول الله، ليس لي ولا لعيالي غيرها، ولا أستطيع ذلك.
فبلغ قوله عثمان بن عفان، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أتجعل لي مثل ما جعلت لرومة، عينا في الجنة إن اشتريتها؟ قال: " نعم ". قال: قد اشتريتها، وجعلتها للمسلمين». [أسد الغابة في معرفة الصحابة ط العلمية (2/ 297)].

وقد استدل ابن منده بقوله « أتجعل لي مثل ما جعلت لرومة». على اسمه، وفيه نظر، فلفظ الطبراني: «أتجعل لي مثل الذي جعلته له». [المعجم الكبير للطبراني (2/ 41)]. على أن الخبر أصلا يصح لأنه من طريق أبي مسعود  عبد الأعلى بن أبي المساور الجرار وهو متروك الحديث.
وقد تعب ابن منده ابن حجر بقوله : «تعلق ابن منده على قوله: أتجعل لي مثل الذي جعلت لرومة ظنا منه أن المراد به صاحب البئر، وليس كذلك، لأن في صدر الحديث أن رومة اسم البئر، وإنما المراد بقوله جعلت لرومة، أي لصاحب رومة أو نحو ذلك». [الإصابة في تمييز الصحابة (2/ 448)].

وورد أنها كانت لرجل يهودي، كما روى ابن شبة : «عن أبي قلابة قال:  لما كانوا بباب عثمان رضي الله عنه وأرادوا قتله، أشرف عليهم فذكر أشياء ثم ناشدهم الله فأعظم النشدة: هل تعلمون أن رومة ‌كانت ‌لفلان ‌اليهودي، لا يسقي منها أحدا قطرة إلا بثمن، فاشتريتها بمالي بأربعين ألفا، فجعلت شربي فيها وشرب رجل من المسلمين سوى، ما استأثرتها عليهم؟ قالوا: قد علمنا ذلك». [تاريخ المدينة لابن شبة (1/ 153)]. وإسناده أيضا ضعيف. وهذا الذي ذكره ابن عبد البر: «واشترى عثمان رضي الله عنه بئر رومة، وكانت ‌ركية ‌ليهودي يبيع المسلمين ماءها». [الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 1039)].

فرومة ليس اسم الرجل ذلك، وإنما هي تنسب لامرأة، كما قال البلاذري: «وهي بئر قديمة كانت انطمت، فأتى قوم من مزينة، فحالفوا الأنصار، وقاموا عليها بأبدانهم وأصلحوها. وكانت ‌رؤمة امرأة منهم أو أمة، تستقي [1] منها للناس، فنسبت إليها. وقال بعض الرواة: إن الشعبة التي هي على طرفها تدعى ‌رؤمة». [أنساب الأشراف للبلاذري (1/ 536)]. وإنما نسبت لأنه كانت له لا أن رومة اسمه.
وقد يكون هو اليهودي  ولعله أسلم، وقيل أنها كانت مملوكة لهما، فاشترى أولا حصة الغفاري ثم اليهودي.

وكل هذه الأخبار لم تصح سندا، وإنما الثابت أنه ﷺ قال :«من ‌يحفر ‌بئر ‌رومة ‌فله الجنة، فحفرها عثمان». [صحيح البخاري (5/ 13 ط السلطانية)].
وراجع كتاب [ أخبار الودي المبارك. محمد شراب. ص 132].

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.