الاستثمار في البنوك التشاركية

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ.
لي مبلغ من المال في حسابي البنكي عزمت على جعله وديعة استثمارية  في بنك تشاركي كي لا يبقى رهن إشارة الأبناك الربوية أو عرضة للضياع في بيتي فهل تحل الودائع الاستثمارية في الأبناك التشاركية.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

الخلاصة :«الاستثمار في البنوك التشاركية يقوم على المضاربة، ووفق بنود العقد فإنه موافق لشروطها. ومن الشروط أن يستثمر البنك الأموال في الحلال، وهذه البنوك تستثمرها في العقار، وقد سبق لنا بيان حكم معاملاتها في العقار».
سبق لنا الحديث عن حكم (المرابحة للآمر بالشراء) الجاري بها العمل في البنوك التشاركية (هنا).
وقد أطلقت هذه البنوك عقدا جديدا للاستثمار بها، وحقيقة العقد أنه (مضاربة)، وهي في أصلها مباحة بشروط:
- أن يكون رأس المال من غير العروض، وهذا هو المحقق في العقد، ويشترط أن لا تكون المضاربة في الذهب والفضة. وهذا قول جمهور الفقهاء منهم المالكية.
- أن لا يضمن البنك الربح أو أصل المال، قال الباجي :«فإن ‌شرط ‌الضمان ‌على ‌العامل فالعقد فاسد». [المنتقى شرح الموطإ (5/ 153)].
وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من العقد وفيها:«الوديعة الاستثمارية غير مغطاة بضمان صندوق ودائع البنوك التشاركية..». وكذا :«في حال حصول خسائر على مستوى محفظة الاستثمار يتحمل العميل الخسائر الحاصلة..». وكذا تم التنبيه في المادة 7.2 على أن حرص البنك على الربح لا يعد ضمانا. وكذا 10.4. وهذا تنبيه جيد منهم.
ووجه عدم جواز هذا الشرط أن البنك مؤتمن والأمين لا يضمن، قال ابن عبد البر: «ولا ‌خلاف ‌بين ‌العلماء ‌أن ‌المقارض ‌مؤتمن لا ضمان عليه فيما يتلفه من المال من غير جناية منه فيه ولا استهلاك له ولا تضييع هذه سبيل الأمانة وسبيل الأمناء». [الاستذكار (7/ 5)].
-  أن يكون الربح نسبة مئوية، وهذا ما نص عليه العقد صراحة، وهذا موافق لقول جمهور الفقهاء منهم المالكية، جاء في الشرح الصغير: «(بجزء) : أي في ‌نظير ‌جزء ‌شائع (معلوم) كربع أو نصف لا مجهول». [حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك (3/ 682)]. وفي المدونة: «قلت: أرأيت إن دفعت إلى رجل مالا قراضا، ولم أسم له ثلثا ولا ربعا ولا نصفا، ولا أكثر من أن قلت له: خذ هذا المال قراضا فعمل فربح وتصادق رب المال والعامل على ذلك؟ قال: ‌يرد ‌إلى ‌قراض ‌مثله». [المدونة (3/ 632)].
- أن تكون المضاربة في أمور مباحة، فلا يستثمر المال في الحرام كالخمر او البنوك الربوية.. وهذه البنوك تستثمر الأموال في العقارات ونحوه، مما يرجع لحكم المعاملة من أصلها كما بينا في حكم التعامل مع هذه البنوك عموما.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.