ميراث الأحفاد وفق قانون الوصية الواجبة المغربي
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا. لي سؤال وأرجوا من الله أن تفيدوني.
المسألة هي : أب توفي وترك 5 بنات وإبنان وحفيدة بنت من ابن متوفي .. فهل لهذه البنت نصيب من الميراث ؟. ملاحظة: البنت لا أخ لها.وبارك الله وأحسن اليكم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
لا ترث هذه البنت من جدها إلا وفق قانون (الوصية الواجبة)، والوصية الواجبة كما عرفتها مدونة الأسرة في القسم الثامن المادة 369:«من توفي وله أولاد ابن أو أولاد بنت ومات الابن أو البنت قبله أو معه، وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية».[مدونة الأسرة (ص 86)]. وأول من أخذه بهذه الوصية مصر سنة 1946م ثم توالت عليها مجموعة من الدول العربية.
والحقيقة أن هذه الوصية لا دليل عليها كما قال العلامة المغربي محمد التاويل:«إن هذه الوصية في شكلها القانوني المعمول به مخالف للكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب والأثر والنظر».[الوصية الواجبة في الفقه الإسلامي (ط منشورات معهد الإمام مالك الأولى ص 9)].
وذلك لأدلة :
- قول ربنا : ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12] .فبين أن الإيصاء يقع من صاحبه لا من غيره. وقول ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ ﴾ [المائدة: 106]. فاشتراط الإشهاد دليل على أنها تقع باختيارا لا جبرا.
- قوله ﷺ :«ومن ترك مالا فلورثته». [صحيح البخاري (3/ 98 ط السلطانية)].فجعل التركة بين أصحاب الفروض والعصبة ولم يجعل لغيرهم شيئا.
- محالفتها للإجماع، إذ لم يقل بهذه الوصية على هذا النحو أحد، حتى ابن حزم كما سيأتي. وقد أجمع العلماء على أنه من مات ولم يوص قسمت تركته بين ورثته لا غير.
والحقيقة هي ميراث، لذا قال أبو زهرة وهو ممن شرعها :« هذه الأحكام في غايتها ومرماها وفي الغرض منها والسبب الباعث عليها تنحو نحو الميراث..».[شرح قانون الوصية (ط مكتبة الأنجلو المصرية ص 220)].
وقد استدلوا لها بأمور :
- قول ربنا : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180] . فقالوا الوصية للميت واجبة بدليل قوله (كتب عليكم). ويرد على هذا أنه غير متعين كما قال ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: 178] . لإمكانية العفو، فقد قال بعدها ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 178] . ونحو هذا في قول ربنا : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 180] . فقد قال بعدها: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180] .
وقوله تعلى : ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180] . يدل على أنه ليست واجبة لأنه لو كان فرضا لكان على جميع المسلمين، فلما خص الله تعالى من يتقي، أي يخاف تقصيرا، دل على أنه غير لازم. [أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (1/ 104)]
ثم هذا القانون مخالف للآية،لأن الله قال : ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180] . وهذا القانون عمها سواء كان للميت مال كثير أم قليل. ثم الآية لم تبين القدر، عكس القانون الذي جعل لها حدا معينا، جاء في المدونة :«الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة».[مونة الأسرة المادة (370 ص 86)]. والقانون خصها بالأحفاد مع أن الآية عامة كما قال ربنا : ﴿وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [البقرة: 180] . فكان الأولى القول بوجوبها لكل فقير من الأقرباء لا تخصيصها بالحفيد.
وحاولوا الاعتماد على قول ابن حزم الذي شذ عن الفقهاء وقال بوجوب الوصية، لكنه لم يقل بهذا الذي في القانون، فقد قال رحمه الله : «فمن مات ولم يوص: ففرض أن يتصدق عنه بما تيسر ولا بد؛ لأن فرض الوصية واجب، كما أوردنا، فصح أنه قد وجب أن يخرج شيء من ماله بعد الموت، فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب إخراجه من ماله، ولا حد في ذلك إلا ما رآه الورثة، أو الوصي مما لا إجحاف فيه على الورثة». [المحلى بالآثار (8/ 351)]. فلم يقصرها على الأحفاد ولم يحد لها قدرا.
وفي المسألة كلام يطول ليس هذا مقام بسطه. وقد بين بطلاناها الفقيه المغربي محمد التاويل وقال في خاتمة كتابه :«من كل هذا يتبين أن ما يسمى بالوصية الواجبة توريث مغلف باسم الوصية الواجبة».[الوصية الواجبة (ص 131)].
المجيب : د.قاسم اكحيلات.
بارك الله فيكم.
لا ترث هذه البنت من جدها إلا وفق قانون (الوصية الواجبة)، والوصية الواجبة كما عرفتها مدونة الأسرة في القسم الثامن المادة 369:«من توفي وله أولاد ابن أو أولاد بنت ومات الابن أو البنت قبله أو معه، وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية».[مدونة الأسرة (ص 86)]. وأول من أخذه بهذه الوصية مصر سنة 1946م ثم توالت عليها مجموعة من الدول العربية.
والحقيقة أن هذه الوصية لا دليل عليها كما قال العلامة المغربي محمد التاويل:«إن هذه الوصية في شكلها القانوني المعمول به مخالف للكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب والأثر والنظر».[الوصية الواجبة في الفقه الإسلامي (ط منشورات معهد الإمام مالك الأولى ص 9)].
وذلك لأدلة :
- قول ربنا : ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12] .فبين أن الإيصاء يقع من صاحبه لا من غيره. وقول ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ ﴾ [المائدة: 106]. فاشتراط الإشهاد دليل على أنها تقع باختيارا لا جبرا.
- قوله ﷺ :«ومن ترك مالا فلورثته». [صحيح البخاري (3/ 98 ط السلطانية)].فجعل التركة بين أصحاب الفروض والعصبة ولم يجعل لغيرهم شيئا.
- محالفتها للإجماع، إذ لم يقل بهذه الوصية على هذا النحو أحد، حتى ابن حزم كما سيأتي. وقد أجمع العلماء على أنه من مات ولم يوص قسمت تركته بين ورثته لا غير.
والحقيقة هي ميراث، لذا قال أبو زهرة وهو ممن شرعها :« هذه الأحكام في غايتها ومرماها وفي الغرض منها والسبب الباعث عليها تنحو نحو الميراث..».[شرح قانون الوصية (ط مكتبة الأنجلو المصرية ص 220)].
وقد استدلوا لها بأمور :
- قول ربنا : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180] . فقالوا الوصية للميت واجبة بدليل قوله (كتب عليكم). ويرد على هذا أنه غير متعين كما قال ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: 178] . لإمكانية العفو، فقد قال بعدها ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 178] . ونحو هذا في قول ربنا : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 180] . فقد قال بعدها: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180] .
وقوله تعلى : ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180] . يدل على أنه ليست واجبة لأنه لو كان فرضا لكان على جميع المسلمين، فلما خص الله تعالى من يتقي، أي يخاف تقصيرا، دل على أنه غير لازم. [أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (1/ 104)]
ثم هذا القانون مخالف للآية،لأن الله قال : ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180] . وهذا القانون عمها سواء كان للميت مال كثير أم قليل. ثم الآية لم تبين القدر، عكس القانون الذي جعل لها حدا معينا، جاء في المدونة :«الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض موت موروثهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة».[مونة الأسرة المادة (370 ص 86)]. والقانون خصها بالأحفاد مع أن الآية عامة كما قال ربنا : ﴿وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [البقرة: 180] . فكان الأولى القول بوجوبها لكل فقير من الأقرباء لا تخصيصها بالحفيد.
وحاولوا الاعتماد على قول ابن حزم الذي شذ عن الفقهاء وقال بوجوب الوصية، لكنه لم يقل بهذا الذي في القانون، فقد قال رحمه الله : «فمن مات ولم يوص: ففرض أن يتصدق عنه بما تيسر ولا بد؛ لأن فرض الوصية واجب، كما أوردنا، فصح أنه قد وجب أن يخرج شيء من ماله بعد الموت، فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب إخراجه من ماله، ولا حد في ذلك إلا ما رآه الورثة، أو الوصي مما لا إجحاف فيه على الورثة». [المحلى بالآثار (8/ 351)]. فلم يقصرها على الأحفاد ولم يحد لها قدرا.
وفي المسألة كلام يطول ليس هذا مقام بسطه. وقد بين بطلاناها الفقيه المغربي محمد التاويل وقال في خاتمة كتابه :«من كل هذا يتبين أن ما يسمى بالوصية الواجبة توريث مغلف باسم الوصية الواجبة».[الوصية الواجبة (ص 131)].
المجيب : د.قاسم اكحيلات.