اشتراط المرأة عدم التعدد
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أستاذ، ما حكم التعدد اذا اشترطت المرأة عدم القبول به في عقد الزواج؟. إذا لم يكن هنالك رضا من طرف الزوجة؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
• الخلاصة :«لا ينبغي للعاقل أن يبدأ حياته الزوجية بشروط تقيد ما أحله الله له، فإن فعل -كمن تشترط عليه أن لا يتزوج عليها-، فقد اختلفوا في هذا الشرط، فقيل هو شرط باطل والزواج صحيح ولا يلزمه الوفاء به وهو قول جمهور العلماء. وقيل بل هو صحيح يلزمه، فلو أخلف لها حق الفسخ. ونحن نرى أن العاقل لا يقبل بهذا الشرط فإن فعل لزمه ولا يحل له إخلافه، فإن خالفه لم يبطل الزواج ويكون للزوجة حق الاستمرار أو الفسخ».
- أولا : لا خير في زواج يبدأ بمثل هذه الشروط، والعاقل لا يقدم على زواج مثل هذا، قال مالك :«أشرت على قاض منذ دهر أن ينهى الناس أن يتزوجوا على الشروط وأن لا يتزوجوا إلا على دين الرجل وأمانته، وأنه كان كتب بذلك كتابا وصيح به في الأسواق وعابها عيبا شديدا». [المقدمات الممهدات (1/ 482)].
ثانيا : اختلف العلماء في حكم اشتراط المرأة على الرجل ترك التعدد عليها، فقال قوم الشرط باطل والزواج صحيح ولا يلزم الرجل الوفاء به، وهو قول جمهور العلماء، وهو قول عمر ابن الخطاب، فعن «يحيى بن أبي كثير، أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها ألا ينكح عليها، ولا يتسرى، ولا ينقلها إلى أهله، فبلغ ذلك عمر، فقال: عزمت عليك إلا نكحت عليها، وتسريت، وخرجت بها إلى أهلك». [مصنف عبد الرزاق (6/ 290 ط التأصيل الثانية)]. وبه قال علي وابن عباس والزهرى، وقتادة، وهشام بن عروة، ومالك، والليث، والثورى، والشافعى، وابن المنذر، وأصحاب الرأى. وبه قال أبو حنيفة، والشافعى. [المغني لابن قدامة (9/ 484 ت التركي)]، وهو قول ابن حزم «مسألة». [المحلى بالآثار (9/ 123)].
ودليل هذا القول حديث النبي ﷺ :«من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق». [صحيح البخاري (3/ 71 ط السلطانية)]. قال الإمام مالك :«فالأمر عندنا أنه إذا شرط الرجل للمرأة، وإن كان ذلك عند عقدة النكاح أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر، إن ذلك ليس بشيء، إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق، أو عتاقة فيجب ذلك عليه ويلزمه». [موطأ مالك - رواية يحيى (2/ 530 ت عبد الباقي)].
وقال قوم بل هو شرط صحيح، يروى هذا عن عمر بن الخطاب، وسعد بن أبى وقاص، ومعاوية، وعمرو بن العاص، رضى الله عنهم. وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، وطاوس، والأوزاعى، وإسحاق وهو مذهب الحنابلة. [المغني لابن قدامة (9/ 484 ت التركي)]. ودليلهم قول النبي ﷺ :«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. [صحيح البخاري (3/ 191 ط السلطانية)]. وحينها يلزمه الوفاء به، ولو خالف فلها حق الفسخ، قال ابن قدامة : «الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة؛ أحدها، ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح». [المغني لابن قدامة (9/ 483 ت التركي)].
وسبب اختلافهم: معارضة العموم للخصوص، فأما العموم فحديث :«من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق». [صحيح البخاري (3/ 71 ط السلطانية)]. وأما الخصوص: فحديث :«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. [صحيح البخاري (3/ 191 ط السلطانية)].
والذي نراه، أن الرجل العاقل لا يقبل بهذه الشروط، ولو فعل لزمه الشرط، لأن المشهور عند الأصوليين القضاء بالخصوص على العموم، وهو لزوم الشروط. [بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 81)]. ولقول ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] . وقوله : ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34] . فإن خالف لا يبطل الزواج ويبقى للمرأة حق الاختيار في الاستمرار أو الفسخ.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.
بارك الله فيكم.
• الخلاصة :«لا ينبغي للعاقل أن يبدأ حياته الزوجية بشروط تقيد ما أحله الله له، فإن فعل -كمن تشترط عليه أن لا يتزوج عليها-، فقد اختلفوا في هذا الشرط، فقيل هو شرط باطل والزواج صحيح ولا يلزمه الوفاء به وهو قول جمهور العلماء. وقيل بل هو صحيح يلزمه، فلو أخلف لها حق الفسخ. ونحن نرى أن العاقل لا يقبل بهذا الشرط فإن فعل لزمه ولا يحل له إخلافه، فإن خالفه لم يبطل الزواج ويكون للزوجة حق الاستمرار أو الفسخ».
- أولا : لا خير في زواج يبدأ بمثل هذه الشروط، والعاقل لا يقدم على زواج مثل هذا، قال مالك :«أشرت على قاض منذ دهر أن ينهى الناس أن يتزوجوا على الشروط وأن لا يتزوجوا إلا على دين الرجل وأمانته، وأنه كان كتب بذلك كتابا وصيح به في الأسواق وعابها عيبا شديدا». [المقدمات الممهدات (1/ 482)].
ثانيا : اختلف العلماء في حكم اشتراط المرأة على الرجل ترك التعدد عليها، فقال قوم الشرط باطل والزواج صحيح ولا يلزم الرجل الوفاء به، وهو قول جمهور العلماء، وهو قول عمر ابن الخطاب، فعن «يحيى بن أبي كثير، أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها ألا ينكح عليها، ولا يتسرى، ولا ينقلها إلى أهله، فبلغ ذلك عمر، فقال: عزمت عليك إلا نكحت عليها، وتسريت، وخرجت بها إلى أهلك». [مصنف عبد الرزاق (6/ 290 ط التأصيل الثانية)]. وبه قال علي وابن عباس والزهرى، وقتادة، وهشام بن عروة، ومالك، والليث، والثورى، والشافعى، وابن المنذر، وأصحاب الرأى. وبه قال أبو حنيفة، والشافعى. [المغني لابن قدامة (9/ 484 ت التركي)]، وهو قول ابن حزم «مسألة». [المحلى بالآثار (9/ 123)].
ودليل هذا القول حديث النبي ﷺ :«من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق». [صحيح البخاري (3/ 71 ط السلطانية)]. قال الإمام مالك :«فالأمر عندنا أنه إذا شرط الرجل للمرأة، وإن كان ذلك عند عقدة النكاح أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر، إن ذلك ليس بشيء، إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق، أو عتاقة فيجب ذلك عليه ويلزمه». [موطأ مالك - رواية يحيى (2/ 530 ت عبد الباقي)].
وقال قوم بل هو شرط صحيح، يروى هذا عن عمر بن الخطاب، وسعد بن أبى وقاص، ومعاوية، وعمرو بن العاص، رضى الله عنهم. وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، وطاوس، والأوزاعى، وإسحاق وهو مذهب الحنابلة. [المغني لابن قدامة (9/ 484 ت التركي)]. ودليلهم قول النبي ﷺ :«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. [صحيح البخاري (3/ 191 ط السلطانية)]. وحينها يلزمه الوفاء به، ولو خالف فلها حق الفسخ، قال ابن قدامة : «الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة؛ أحدها، ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح». [المغني لابن قدامة (9/ 483 ت التركي)].
وسبب اختلافهم: معارضة العموم للخصوص، فأما العموم فحديث :«من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق». [صحيح البخاري (3/ 71 ط السلطانية)]. وأما الخصوص: فحديث :«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. [صحيح البخاري (3/ 191 ط السلطانية)].
والذي نراه، أن الرجل العاقل لا يقبل بهذه الشروط، ولو فعل لزمه الشرط، لأن المشهور عند الأصوليين القضاء بالخصوص على العموم، وهو لزوم الشروط. [بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 81)]. ولقول ربنا : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] . وقوله : ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34] . فإن خالف لا يبطل الزواج ويبقى للمرأة حق الاختيار في الاستمرار أو الفسخ.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.