الأذان الثالث يوم الجمعة

السؤال :

السلام عليكم. بارك الله فيك أستاذ.
أي أذان يعتد به المصلين يوم الجمعة هل يرددون مع كل أذان لأنه يكون 3 أذانات .و جزاك الله خيرا

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

عن ‌السائب بن يزيد قال: «كان النداء يوم الجمعة، أوله إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد النبي ﷺ وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه، وكثر الناس، ‌زاد ‌النداء ‌الثالث ‌على ‌الزوراء.». [صحيح البخاري (2/ 8 ط السلطانية)]. وهذا ما جعل بعض العلماء يقول بأن الأذان يوم الجمعة يكون ثلاثا، وقد رأيت الشيخ مصطفى بنحمزة يدافع عن هذا، حتى وصف من خالف القول بالجهل بالسنة!.[بحوث فقهية (ط دار الأمان (ص79)].

لكن في المقابل نجد أن ابن العربي المالكي المتوفى سنة 543هـ يقول :«وأما بالمغرب فيؤذنون ثلاثة من ‌المؤذنين ‌بجهل ‌المفتين فإنهم لما سمعوا أنها ثلاثة لم يفهموا أن الإقامة هي النداء الثالث فجمعوها وجعلوها ثلاثة غفلة وجهلا بالسنة، فإن الله تعالى لا يغير ديننا ولا يسلبنا ما وهبنا من نعمة». [عرضة الأحوذي (ط المصرية  ص 305/2].

وسبب الوهم أنه ﷺ سماه في الحديث ثالثا؛ وإنما سماه كذلك لأنه أضافه إلى الإقامة ‌فجعله ‌ثالث ‌الإقامة، كما قال النبي ﷺ :«بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة ثلاثا لمن شاء». [صحيح البخاري (1/ 127 ط السلطانية)]. قال ابن العربي :«فتوهم الناس أنه أذان أصلي، فجعلوا المؤذنين ثلاثة، فكان وهما، ثم جمعوهم في وقت واحد، فكان وهما على وهم، ورأيتهم بمدينة السلام يؤذنون بعد أذان المنار بين يدي الإمام تحت المنبر في جماعة، كما كانوا يفعلون عندنا في الدول الماضية؛ وكل ذلك محدث». [أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (4/ 247)].

فالأذان الثالث في الحديث إنما باعتبار الإقامة، ومن فقهاء المالكية من أنكر هذا في عصرنا، قال الطاهر ابن عاشور :«فتوهم كثير من أهل الأمصار أن الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات لهذا تراهم يؤذنون في جوامع تونس ثلاثة أذانات وهو بدعة». [التحرير والتنوير (28/ 225)].

فإن ظهر هذا فإن الأذان المعتبرة الذي نردد خلفه هو الذي يدخل به وقت الصلاة، وبعض المدن الآن تجعل بين كل أذانين ساعة من الزمن فلا شك أن الأول لا يردد خلفه فهو إنما هو للإعلام، وهذا هو الأصل يكون للإعلام فقط، لأن المدينة لم يكن بها إلا المسجد النبوي  وكان الناس كلهم يجمعون فيه وكثروا عن أن يسمعوا الأذان عند باب المسجد فزاد عثمان الأذان الأول ليعلم من بالسوق ومن حوله حضور الصلاة ، أما الآن وقد كثرت المساجد وبنيت فيها المنارات وصار الناس يعرفون وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة : فإنا نرى أن يُكتفى بهذا الأذان وأن يكون عند خروج الإمام اتباعاً للسنَّة ، أو يؤمر المؤذنون عند خروج الإمام أن يؤذنوا على أبواب المساجد.[أحمد شاكر، تعليقه على سنن الترمذي (392/2)]. أما المدن التي تجعلها متتابعة مجتمعة يكفي الترديد مع الأول ولو ردد مع الثاني فلا حرج، أما الثالث فقد ظهر لك حكمه.

المجيب : د. قاسم اكحيلات