حديث أم كبشة صحيح

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخي الفاضل قاسم اكحيلات ما قولك في هذا الكلام:
 حديث أم كبشة أن امرأة من قضاعة أنها استأذنت النبي أن تغزو معه فقال: لا، فقال اجلسي، لا يتحدث الناس أن محمداً يغزو بامرأة. وهذا لفظ منكر جداً تفرد به ابن سعد والحديث معلول لا يصح.

الجواب :

بارك الله فيكم.

الحديث بهذا اللفظ رواه ابن سعد : «أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبى شيبة، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن حسن بن صالح، عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو، عن أم كبشة امرأة من قضاعة أنها استأذنت النبي، -صلى الله عليه وسلم-، أن تغزو معه فقال: لا. فقالت: يا رسول الله إنى أداوى الجريح وأقوم على المريض. قالت: فقال رسول الله: اجلسى، لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة». [الطبقات الكبير (10/ 291 ط الخانجي)]. وهذا إسناد صحيح، وكان المطلوب من كاتب هذا بيان علته لا الاكتفاء بعبارة فضاضة، حتى نعلم وجه النكارة. ثم التفرد ليس علة كما فهم  إلا إن وجد تعارض كما ذكر الشافعي رحمه الله، ولا يوجد ذلك.

وهو عند ابن أبي شيبة «33653 بلفظ «قالت: يا رسول الله ، ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا ، قال: لا ، قلت: يا رسول الله ، إني لست أريد أن أقاتل ، إنما أريد أن أداوي الجريح والمريض أو أسقي المريض فقال: لولا أن تكون ‌سنة ‌ويقال: ‌فلانة ‌خرجت ، لأذنت لك ولكن اجلسي». [مصنف ابن أبي شيبة (6/ 538 ت الحوت)].

ورواه الطبراني : «4443 - حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي قال: نا محمد بن طريف البجلي قال: نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي به». [المعجم الأوسط للطبراني (4/ 363)]. فقال بعده : «لا يروى هذا الحديث عن أم كبشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: الحسن بن صالح ». [المعجم الأوسط للطبراني (4/ 363)]. وهذا مردود بمتابعة ابن أبي شيبة له.

والحديث صححه الهيثمي  [مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (5/ 324)]. وحسنه ابن حجر[موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر (2/ 31)]. وقال الشيخ الألباني :«وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم إلى أم كبشة». [سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 903)]. وقال الحويني :«وإسناده صحيح». [المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 224)]. بل صححته امرأة من المختصين بالحديث ولم تجد حرجا فيه كما وجده رجالنا، قالت الدكتورة نوال العيد :«إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير حسن بن صالح ثقة من رجال مسلم». [حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية (ص466)].

أما القول بأنه منكر لمعارضته ما ورد من خبر خروج النساء فقد أجبته عنه ونزيد ذلك تفصيلا : وذلك لأن إمكانية الجمع، وقد جمع العلماء بينه وبينه غيره من الأحاديث  : 
-أن حديث أم كبشة ناسخ للأحاديث التي فيها خروج النساء، قاله ابن حجر.[الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 455)].
- أن ذلك الخروج إنما كان لضرورة، قاله الشيخ الألباني :«لا ضرورة - عندي - لادعاء نسخ هذه الأحاديث ونحوها، وإنما تحمل على الضرورة أو الحاجة لقلة الرجال، وانشغالهم بمباشرة القتال..». [سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 549)]. وهذا القول المختار، فخروجهن إنما يكون بأمر الإمام في حال قلة الرجال أو مداهمة العدو.

فالعلماء جمعوا بين الأحاديث ولم يقل أحد أنه منكر.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.