عذاب القبر ليس محصورا في ترك الاستنزاه البول

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخي شبهة سمعتها من أحد الملاحدة  بارك الله فيك. صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تنزهوا من البولِ فإنَّ عامَّةَ عذابِ القبرِ منه. لماذا كان عامة عذاب القبر البول ولم يكن مثلا الغيبة أو النميمة أو الزنا الربا إلى غيرها من الذنوب الكبيرة .

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

ليس صحيحا ما ذكره هذا الملحد، لأن عذاب القبر له أسباب كثيرة، أما البول فهو منها لا أنه هو السبب الوحيد، ودليل هذا قوله ﷺ :«‌أكثر ‌عذاب ‌القبر ‌من ‌البول». [سنن ابن ماجه (1/ 125 ت عبد الباقي)].  فدل الحديث على أنه أكثر لا أنه السبب الوحيد، وقد ورد أنه يكون من النميمة أيضا وفق ما تمناه الملحد، فعن ‌ابن عباس قال: «مر النبي ﷺ بقبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر ‌فكان ‌يمشي ‌بالنميمة. [صحيح البخاري (1/ 54 ط السلطانية)]. 
فثبت عذاب القبر في النميمة وكذلك في عدم الاستتار من البول. ثم ذكر أيضا عن ‌أبي رافع قال: «كان رسول الله ﷺ إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل، فيتحدث عندهم حتى ينحدر للمغرب. قال أبو رافع: فبينما النبي ﷺ يسرع إلى المغرب، مررنا بالبقيع، فقال: أف لك، أف لك. قال: فكبر ذلك في ذرعي، فاستأخرت، وظننت أنه يريدني، فقال: ما لك، امش. فقلت: أحدثت حدثا؟ قال: ما ذاك؟ قلت: أففت بي. قال: لا، ولكن هذا فلان بعثته ساعيا على بني فلان، فغل نمرة، ‌فدرع ‌الآن ‌مثلها ‌من ‌نار». [سنن النسائي (2/ 115)]. فهذا الحديث فيه إثبات عذاب القبر بسبب الغلول وهو السرقة من الغنائم.

فنحن عندنا في الإسلام أن أسباب عذاب القبر منها ما هو عام، ومنها ما هو خاص، فأما العام : فهم يعذبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم لمعاصيه..
أما الأسباب الخاصة فهي عدم التنزه من البول وعدم الاستتار والنميمة.. وغيرها من الأسباب الكثيرة، وقد جمعهم ابن القيم وذكر منهم : الكذب، ومن صلى بغير طهور، ومن مر على مظلوم ولم ينصره، والزناة، وآكل الربا ومن ضيع الصلاة.. وذكر أقواما في سبع صفحات! لا شك أن الملحد لم يقراها،  ثم قال : «فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها وقلتها، وصغرها وكبرها». [الروح - ابن القيم (1/ 229 ط عطاءات العلم)].

وإنما خص هؤلاء بالذكر لأن معاصيه عظيمة، فالذي لا يستنزه من بوله مثلا، فهذا ضيع شرطا من شروط الصلاة، فمن صلى وبه ثوبه بول كان صلاته باطله، وخصه النمام مثلا لأن النميمة توقع العداة بين الناس..

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.