صيام الست من شوال قبل القضاء

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بارك الله فيكم شيخنا هل يجوز لي صوم الست من شوال وأنا علي قضاء رمضان. وجزاكم الله خيرا على ما تقدموه.

الجواب :

وعليكم السلام حرمة الله وبكاته.
بارك الله فيكم.

•  الخلاصة«اختلف العلماء في صوم شوال لمن عليه قضاء من رمضان، فقيل أنه لا بد من القضاء قبل ذلك، لأن الحديث ورد فيه (أتبعه) وهو قول الشافعية والحنابلة، وقيل لا يلزم لأن التبعية تقديرية وهو مقتضى كلام الحنفية والمالكية. وهذا الأخير هو الذي نراه».

أولا : قضاء دين رمضان موسع ويجوز تأخيره إلى شعبان من العام المقبل، لكن الأولى المسارعة في قضائه، قال رسول الله ﷺ :«اقضوا الله، ‌فالله ‌أحق ‌بالوفاء.». [صحيح البخاري (3/ 18 ط السلطانية)].

ثانيا : التي عليها أيام من رمضان، إن استطاعت أن تصومها أولا ثم تقضي فهو أجمل.
أما التي لا تستطيع لمشقة أو لأن أيام قضائها تستوعب الشهر كله، هل لها أن تصوم شوال قبل قضاء الدين ويحصل لها الأجر؟. خلاف :
القول الأول : لا بد من صيام تلك الأيام التي عليها أولا وهو قول الشافعية [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 208)] والحنابلة[المبدع في شرح المقنع (3/ 49)] واستدلوا :
- قال النبي ﷺ :«من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر». [صحيح مسلم (3/ 169 ط التركية)].
فقوله:"من صام رمضان" أي كله، وهذه لم تصمه كله فلا يلحقها الوصف.
وقوله:"ثم أتبعه ستا"، دليل على اشتراط التتابع، وهذه لا يطلق عليها أنها أتبعت رمضان بست من شوال. قال ابن رجب:«وعلى قول من جوز ‌التطوع ‌قبل ‌القضاء فلا يحصل مقصود صيام ستة أيام من شوال إلا لمن أكمل صيام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فمن كان عليه قضاء من رمضان ثم بدأ بصيام ست من شوال حيث لم يكمل عدة رمضان لم يحصل له ثواب من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال». [لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص223 ط ابن حزم)].
- قال النبي ﷺ :«من صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه». [مسند أحمد (14/ 270 ط الرسالة)].
القول الثاني : لها أن تصوم الست من شوال قبل القضاء ويحصل لها الأجر وهو قول مقتضى كلام الحنفية الذين جوزا التطوع قبل القضاء عموما [بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 104)] ومقتضى كلام المالكية الذين كرهوا التطوع قبل القضاء[مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 417)] واستدلوا :
- قال ربنا :﴿‌فَعِدَّةٌ ‌مِنْ ‌أَيَّامٍ ‌أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]. والله لم يقيده بوقت وهو يعلم أن الحائض تريد صوم شوال.
- عن عائشة رضي الله عنها قالت :«كان يكون علي الصوم من رمضان، فما ‌أستطيع ‌أن ‌أقضيه ‌إلا ‌في ‌شعبان الشغل من رسول الله ﷺ أو برسول الله ﷺ». [صحيح مسلم (3/ 154 ط التركية)]. ولا يقال أنها لم تكن تصوم شوال!!.

وكما ترى الأمر مختلف فيه، والذي نرجح جواز صومها للست من شوال قبل القضاء:
- أما قوله ﷺ"من صام رمضان". فليس صريحا أن المراد رمضان كله، إذ يطلق الكل على التغليب، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:«لم يكن النبي ﷺ يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان ‌يصوم ‌شعبان ‌كله». [صحيح البخاري (3/ 38 ط السلطانية)]. وفي وراية عنها :«‌كان ‌يصوم ‌شعبان ‌إلا ‌قليلا». [صحيح مسلم (3/ 161 ط التركية)]. قال ابن المبارك:«‌جائز ‌في ‌كلام ‌العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليله أجمع، ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره». [سنن الترمذي (2/ 107 ت بشار)].
-أما قوله قوله "ثم أتبعه ستا". فقد خرج مخرج الغالب، جاء في الإنصاف :«وما ‌ظاهره ‌خلافه، ‌خرج ‌على ‌الغالب ‌المعتاد». [الإنصاف (7/ 521 ت التركي)].
وقيل التبعية هنا تبعية تقديرية، جاء في حاشية البجيرمي:قوله «ثم أتبعه» إلخ يفيد أن من أفطر رمضان لم يصمها وأنها لا تحصل قبل قضائه، وقد يقال التبعية تشمل التقديرية لأنه إذا صام رمضان بعدها وقع عما قبلها تقديرا، أو ‌التبعية ‌تشمل ‌المتأخرة كما في نفل الفرائض التابع لها اهـ. فيسن صومها وإن أفطر رمضان، أي بعذر. [حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (2/ 406)].
أما حديث:"من صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه". فالحديث ضعيف فيه ابن لهيعة.

المجيب : د.قاسم اكحيلات.