حكم لقب الحاج لمن حج
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم تلقيب من حج بالحاج؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
اختلف في ذلك، فمن العلماء من منعه، وهذا لأنه لم يكن معروفا، ولما يجر إليه من رياء، قال ابن الجوزي «وربما حج بمال فيه شبهة ومنهم من يجب أن يتلقى ويقال الحاج». [تلبيس إبليس (ص130)]. وأداء الواجبات الشرعية لا يمنح أسماء وألقابا.
وهناك من أباح ذلك، كما وصف أبو بكر بالصديق، قال النووي: «واتفقوا على استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه فمن ذلك أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن عثمان ولقبه عتيق». [المجموع شرح المهذب (8/ 441 ط المنيرية)]. وقال أيضا :«يجوز أن يقال لمن حج حاج بعد تحلله ولو بعد سنين وبعد وفاته أيضا ولا كراهة في ذلك». [المجموع شرح المهذب (8/ 281 ط المنيرية)]. وقد ورد وصف من حج بالحاج في قول ربنا :﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 19] . والآية حقيقة إنما يقصد بها المتلبس بالحج لا اللقب. وقالوا بالجواز هذا لمن سلم من الرياء والسمعة، وقد صارت اللفظة شائعة بين الناس. ولا يقلب بالمصلي بذلك ولا المزكي.. لأن الحج تتم نعمة الله على العبد، وحين نقول: الحاج فلان. فهذا إشعار وإعلام أن الله أتم له النعمة، واستوفى كل أركان الإسلام. كذا قالوا.
وقد كان هذا اللقب يستعمل في بعض البلدان الإسلامية لصدر المد التبشيري، فقد ذكر سكنر (Skinner) :«أن جميع العبيد والمستعبدين من أبناء قبيلة النوبير (أو الموسى) دخلوا الإسلام. وكان يكفي للمنبوذ أن يعتنق الإسلام، ويذهب إلى مكة لأداء فريضة الحج، ليعود وقد حمل لقب (حاج) وهذا كاف لأن يجعله ذا صوت قوي، يخيف السلطات الفرنسية ذاتها». [الإسلام ومواجهته لحركات التبشير الأوروبي في غرب أفريقيا. مجلة البحوث الإسلامية (12/ 363)].
وعندنا في المغرب لقب (الحاج) صار يطلق على الحاج وغيره، ويطلق على كبار السن حج أم لم يحج.
والذي نراه جواز هذا اللقب لمن حج ومن لم يحج تفاؤلا بحجه مستقبلا، واللفظة شائعة عندنا لا يراد بها رياء ولا سمعة، وإنما يراد بها تعظيم الشعيرة نفسها. إلا من أراد غير ذلك لم يحل.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.