طلب الدعاء من الغير
السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته هل يجوز أن تقول لمن تُحسن الظن بدينه وخلقه أن يدعو الله لك.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
لا حرج في طلب الدعاء من أهل الخير والصلاح في الأصل، قال ربنا:﴿قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يوسف: 97-98]. وعن قتادة قال: سمعت أنسا قال: «قالت أم سليم للنبي صلى الله عليه وسلم أنس خادمك قال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته.». [صحيح البخاري (8/ 73 ط السلطانية)]. وقول أبي هريرة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم:«فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد أم أبي هريرة». [صحيح مسلم (7/ 165 ط التركية)]
وهذا ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعن أسير بن جابر قال: « كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل - فاستغفر لي! فاستغفر له. [صحيح مسلم (7/ 189 ط التركية)]
والشاهد على الجواز قوله صلى الله عليه وسلم:«فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل». قال النووي:«وفيه استحباب طلب الدعاء والاستغفار من أهل الصلاح وإن كان الطالب أفضل منهم». [شرح النووي على مسلم (16/ 95)].
وقد ورد عن السلف كراهية طلب الدعاء من الغير، كالذي ورد «عن زيد بن وهب. قال: جاء رجل إلى حذيفة فقال استغفر لي. فقال: لا غفر الله لك إني لو استغفرت لهذا الآتي بسيئاته فقال: استغفر لي حذيفة أتحب أن يجعلك الله مع حذيفة؟ اللهم اجعله مع حذيفة». [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - ط السعادة (1/ 277)].
وهذه الكراهة ليست في أصل طلب الدعاء، بل بسبب ما ينضم إليه من الأمور المخرجة عن الأصل. [الاعتصام للشاطبي ت الهلالي (1/ 501)].
ولا يجوز لأحد أن ينصب نفسه للدعاء للناس. قال القرافي«كره مالك وجماعة من العلماء رحمهم الله لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقيب الصلوات المكتوبات جهرا للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقدم في الصلاة وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله تعالى وعباده في تحصيل مصالحهم على يده بالدعاء، ويوشك أن تعظم نفسه عنده فيفسد قلبه ويعصي ربه في هذه الحالة أكثر مما يطيعه». [الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (4/ 300)].
فلا حرج من طلب الدعاء ممن يظهر عليه الخير، شرط أن لا يتخذ لك سنة وعادة، ولا يجر إلى غلو.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.