هل يقدر الله خلق إله أقوى منه؟

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله شيخنا. كيف نرد على هذه الشبهة الإلحادية هل يستطيع الله خلق إله أقوى منه.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

هذا من الأسئلة التي أجاب عنها العلماء، بل ورد مثلها في كتاب الله جل شأنه. فالموجودات على ثلاثة أقسام :

- واجب الوجود، وهو الذي لا يقبل الحدوث ولا العدم، وهو الله جل شأنه. وأهل السنة يطلقون لفظ (واجب الوجود) على الله من باب الإخبار، لذا وجب بيان معناه عند أهل السنة حتى لا يختلط مع كلام الفلاسفة، قال ابن تيمية :«الوجوب الذي دل عليه الدليل إنما هو وجوده بنفسه واستغناؤه عن موجد ‌فحمل ‌هو هذا اللفظ ما لا دليل عليه مثل عدم الصفات وأشياء غير هذه». [الصفدية (2/ 181)].
-  ممكن الوجود : وهي باقي المخلوقات التي تقبل الحدوث والعدم.
-  مستحيل الوجود : وهذا لا يقبل الوجود، فالله سبحانه وتعالى قال : ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى ‌كُلِّ ‌شَيْءٍ ‌قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20] . فالمستحيل ليس بشيء أصلا، ككون الشيء متحرك وساكن، أو خلق الرب إلها أقوى منه، أو خلق صخرة لا يقدر على حملها، أو كون الشيء موجودا معدوما في نفس الوقت.. قال ابن القيم «‌المحال ‌ليس ‌بشيء، فلا تتعلق به القدرة، والله على كل شيء قدير، فلا يخرج ممكن عن قدرته البتة». [شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (2/ 181)].
والمستحيل هذا على نوعين : مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره : 
أما المستحيل لذاته فهو مستحيل لا يمكن، فلو أن أحدا قال هل الله قادر على أن يخلق مثله؟ لقلنا: هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يخلق خلقا أعظم من الخلق الذي نعلمه الآن، ونحن نعلم أن أعظم مخلوق نعلمه هو العرش، فهو أعظم من كل شيء من المخلوقات التي نعلمها، ومع ذلك نعلم أن الله قادر على أن يخلق أعظم من العرش، لكن الشيء المستحيل لذاته هذا غير ممكن.
أما المستحيل لغيره  : فبمعنى أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم، ولكن الله قادر على أن يخرمها، فهذا نقول إن القدرة تتعلق به، فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزا واقعا بحسب القدرة، وهذا الشيء كثير، فكل آيات الأنبياء الكونية من هذا الباب (المستحيل لغيره) ؛ فانشقاق القمر للرسول عليه الصلاة والسلام مستحيل لغيره، لكن غير مستحيل لذاته لأنه وقع، والله قادر على أن يشق القمر نصفين، بل قادر على أن يشق الشمس نصفين». [شرح العقيدة السفارينية (1/ 195)].

وقد قال ربنا : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ ‌الْجَمَلُ ‌فِي ‌سَمِّ الْخِيَاطِ ﴾ [الأعراف: 40] . فعلق دخول الكفار الجنة على دخول الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل، فعلق دخولهم على محال. «فقد ‌جعل ‌لانتفاء ‌دخولهم ‌الجنة ‌امتدادا ‌مستمرا، ‌إذ ‌جعل ‌غايته ‌شيئا ‌مستحيلا، ‌وهو ‌أن ‌يلج ‌الجمل ‌في ‌سم ‌الخياط، ‌أي ‌لو ‌كانت ‌لانتفاء ‌دخولهم ‌الجنة ‌غاية ‌لكانت ‌غايته ‌ولوج ‌الجمل- ‌وهو ‌البعير- ‌في ‌سم ‌الخياط، ‌وهو ‌أمر ‌لا ‌يكون ‌أبدا. [التحرير والتنوير (8-ب/ 127)].
وبهذا يظهر لك تهافت هذه الشبهة الهزيلة.


المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.