شبهة إعارة الفروج

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الله شيخنا الحبيب. شيخنا الحبيب بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم الله خيرا. شيخنا هناك بعض النصارى وبعض أعداء الإسلام يوردون الشبهات على المسلمين  فيقولون لهم أن دينكم يجيز بيع وإيجار وهبة الفرج .. ويستدلون بمثل هذه الآثار الموجودة في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ومعاني الآثار مثل هذا الأثر : عن نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا يَحِلُّ فَرْجٌ إِلَّا فَرْجٌ إِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ بَاعَهُ , وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهُ , وَإِنْ شَاءَ أمسكه لا شرط فيه.[شرح معاني الآثار].شيخنا ممكن شرح مفردات هذا الأثر . ثم شرح معانيه .والرد على الشبهة الموردة . وبارك الله فيكم

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
 بارك الله فيكم. 

- أولا : الكلام هذا ليس بخصوص الزوجة، وإنما هو في ملك اليمين، فالحرة لا تباع ولا توهب، هذا لا خلاف فيه، قال ابن عبد البر :«وأجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز لأحد أن ‌يطأ ‌فرجا ‌وهب ‌له ‌وطؤه دون رقبته بغير صداق، وأن الموهوبة لا تحل لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم». [التمهيد - ابن عبد البر (13/ 271 ت بشار)].

- ثانيا : الحديث هنا عن الأمة، وكما هو معلوم فالأمة يمكن بيعها، وما جاز بيعه جازت هبته، لأن البيع والهبة تمليك، أما الإعارة فلا تحل إجماعا، قال ابن حزم :«واتفقوا أن ‌هبة ‌فروج ‌النساء أو عضوا من عبد أو أمة أو عضوا من حيوان لا يجوز ذلك وكذلك الصدقة به والعطية والهدية». [مراتب الإجماع (ص97)].
وقد روي شيء عن عطاء وطاووس رده ابن العربي وقال لا يصح، قال ابن العربي المالكي: «إذا أحلت المرأة جاريتها لزوجها فهي إعارة الفروج، ولا تكون العارية شبهة عقد، وقد سمعت الطرطوشي يقول  : إن  مذهب طاووس أن الإحلال جائز ولم يثبت، وما هو إلا إجماع». [عرضة الأحوذي 3/148 ط دار الكتب العلمية (3/ 380)].

- ثالثا : على القول بصحة من نسب إليه القول، فلا حجة لأحد بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن أراد الطعن في الإسلام فلعيه أن يأتي بنص من قرآن أو سنة لا من كلام غير المعصوم ﷺ،  قال ابن حزم :«أما قول ابن عباس فهو عنه وعن طاوس في غاية الصحة، ولكنا لا نقول به، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون - إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون: 5 - 6] الآية إلى قوله {هم العادون} [المؤمنون: 7] فقول الله أحق أن يتبع». [المحلى بالآثار (12/ 208)].
وقد منع الصحابة والسلف من ذلك،  فعن قتادة، أن ابن عمر قال:  «لا يحل لك أن تطأ فرجا، إلا فرجا لك إن شئت بعت، وإن شئت وهبت، وإن شئت أعتقت». [مصنف عبد الرزاق (7/ 168 ط التأصيل الثانية)]. و«عن الزهري في الرجل يحل الجارية للرجل، فقال: إن وطئها جلد مائة، أحصن أو لم يحصن، فإن حملت لم يلحق به الولد، ولم يرثه، وله أن يفديه، ليس لهم أن يمنعوه». [مصنف عبد الرزاق (7/ 168 ط التأصيل الثانية)]. و عن نافع، أن ابن عمر سئل عن امرأة ‌أحلت ‌جاريتها ‌لزوجها فقال ابن عمر: «لا أدري، لعل هذا لو كان على عهد عمر لرجمه. [مصنف ابن أبي شيبة (4/ 13 ت الحوت)]. و «عن سعيد بن وهب قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: إن أمي أحلت لي جاريتها، فقال ابن عمر رضي الله عنه: " فإنها لا تحل لك إلا بإحدى ثلاث: ‌هبة ‌بتة، ‌أو ‌شري، أو نكاح "». [السنن الكبرى - البيهقي (7/ 244 ط العلمية)].
فانظر لهذه النصوص الكثيرة في المنع، ولا يتحرى بعضهم إلا نصا أو بضع نصوص لتوسيع دائرة القول الشاذ واعتباره قولا مشهورا!.

فالوطء لا يكون إلا بأمرين :
الأمر الأول :  بالنكاح الصحيح بشروطه المعروفة وبالصداق لا هبة.
الامر الثاني :  أن يكون الوطء بملك اليمين، ويجوز بيع ملك اليمين أو هبتها فهذا تمليك، أما الإعارة فلا تحل عند أحد، وحكيت أقوال منها ما لا يصح، وما صح فهو شاذ مردود لمخالفة نصوص الوحيين.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.