الحكمة من تحريم زواج السلمة من كافر
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي سؤال يا أستاذ جزاكم الله خيرا.ما الحكمة من تحريم زواج المسلمة من غير مسلم؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
زواج المسلمة من كافر حرام، ومن تزوجت كافرا استحلالا فهي كافرة وكذا من شرع لها ذلك ورضي به، وهذا معلوم من الدين ضرورة، قال ربنا ﴿ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ [البقرة: 221] .
وقال ربنا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 10] .
فقوله{لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} أي لا المؤمنات حل للكفار، ولا الكفار يحلون للمؤمنات.[تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث (23/ 327)]
وعن ابن عباس ، في اليهودية والنصرانية ، تكون تحت النصراني أو اليهودي ، فتسلم هي ، قال «يفرق بينهما ، الإسلام يعلو ولا يعلى عليه». [شرح معاني الآثار (3/ 257)]
وهذا حكم مجمع عليه [تفسير البغوي - إحياء التراث (1/ 284)] قال القرطبي: «وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه». [تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (3/ 72)] . وقال ابن عبد البر: «إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا، وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر». [التمهيد - ابن عبد البر (7/ 400 ت بشار)].
ولا نحسب مسلمة ترضى بهذا، فعن أنس قال: «تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما: الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم فكان صداق ما بينهما». [سنن النسائي (6/ 114)].
أما الحكمة من التحريم، فالمسلم يوقن بحكم الله، أدرك الحكمة أم لم يدركها، لأن هذا هو الإيمان وتمام التسليم لحكم الله، لكن لا بأس أن يحاول المسلم فهم الأمر، وقد ذكر في الحكمة :
- أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة ، وإن تعادلا في الحلية بالعقد ؛ لأن التعادل لا يلغي الفوارق كما في ملك اليمين ، فإذا امتلك رجل امرأة حل له أن يستمتع منها بملك اليمين ، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين ، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها ، ولا لأولادها .
- شمول الإسلام وقصور غيره ، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة ، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية ، فهو يؤمن بكتابها وبرسولها ، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة ، فسيكون هناك مجال للتفاهم ، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها ، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة ، فهو لا يؤمن بدينها ، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها ، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية ، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام ، وإذا فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية ، فمنع منه ابتداء.[أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (8/ 101 ط الفكر)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.