قول ربنا :﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ ‌يَزِيدُونَ﴾. ليس على الشك

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا بارك الله فيك. الله هو عالم الغيب، لكن في هذه الآية:﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ ‌يَزِيدُونَ﴾. فالله يعلم الغيب ثم لا يجزم بعددهم، بل قال (أو يزيدون).

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

قول ربنا جل شأنه :﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ ‌يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: 147] . ليست على الشك، فالله جل شأنه يخاطب أقوما بما يفهمونه، لذا كان المقصود من الآية على أوجه : 

-  (أو) بمعنى (بل)، أي (وأرسلناه إلى مائة ألف، بل يزيدون). كقول ربنا : ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ ‌أَشَدُّ ‌قَسْوَةً﴾ [البقرة: 74] . قال ابن جرير الطبري: «وقال آخرون: "أو" في هذا الموضع بمعنى "بل". فكان تأويله عندهم: ‌فهى ‌كالحجارة ‌بل ‌أشد ‌قسوة. كما قال جل ثناؤه: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}. بمعنى: بل يزيدون». [تفسير الطبري (2/ 132 ت التركي)]. ومن هذا يقول الشاعر : 
«بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى … وصورتها ‌أو ‌أنت ‌في ‌العين أملح». [ديوان ذي الرمة شرح الباهلي (3/ 1857)]. أي بل أنت.

-  (أو) بمعنى (و)، فيكون المعنى  (وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون).  وهذا كقول ربنا: ﴿ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا ‌أَوْ ‌كَفُورًا﴾ [الإنسان: 24]. أي (آثما وكفورا). وقول ربنا ﴿‌عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ﴾ [المرسلات: 6] . أي (عذرا ونذرا).

-  (أو) وضعت للدلالة على أحد الشيئين المذكورين معها، ولذلك وقعت في الخبر المشكوك فيه، من حيث كان الشك ترددا بين أمرين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر، لا أنها وضعت للشك؛ فقد تكون في الخبر الذي لا شك فيه إذا أبهمت على المخاطب ولم تقصد أن تبين له، كقوله سبحانه: {إلى مائة ألف أو يزيدون (147)} [الصافات: 147]، أي: أنهم من الكثرة بحيث يقال فيهم: هم مئة ألف أو يزيدون، فـ "أو" على بابها دالة على أحد الشيئين؛ إما مئة ألف بمجردها، وإما مئة ألف مع زيادة، والمخبر في كل هذا لا يشك.[بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (1/ 344)].

-  (أو) للشك، ولكن هذا بالنسبة للمخاطب، فيكون المعنى وأرسلناه إلى جماعة ‌لو ‌رأيتموهم ‌لقلتم ‌هم ‌مائة ‌ألف أو أكثر، وإنما خوطب العباد على ما تعرفون. [إعراب القرآن للنحاس (3/ 298)].

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.