شرح حديث : من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله
السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. المرجو بارك الله فيكم شرح معنى هذا الحديث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن من الخيلاء ما يحب الله عز وجل؛ ومنها ما يكره؛ فأما الخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل بنفسه عند الصدقة وعند القتال والخيلاء التي يكرهها الله عز وجل في البغي والفخر.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
«عن ابن جابر بن عتيك الأنصاري، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، ومن الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحب الله، فالغيرة في ريبة، وأما التي يبغض الله، فالغيرة في غير الريبة، وأما الخيلاء التي يحب الله أن يتخيل العبد بنفسه لله عند القتال، وأن يتخيل بالصدقة "». [مسند أحمد (39/ 156 ط الرسالة)].
ففي الحديث أن الله يحب الغيرة التي تكون في الريبة وهي الشك، وهذا كغيرة الرجل على زوجته حينما تكشف زينتها لمن لا يحل لها، فهذا مظهر من مظاهر الريبة والشك. ومنها الغيرة التي لا يحب الله، وهي التي لا تكون في ريبة أو شك، كالواحد يغير على أخته أن تتزوج !. فهذه غيرة لا يحب لها، فهي مذمومة.
وفيه أن الخيال أيضا يكون ممدوحا كأن يرى نفسه عظيمة قادرة على القتال، ويوقع نفسه في الحرب، ويظهر الشجاعة عن نفسه، ولا يفر كالعاجزين. [المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 123)]. وكذلك يختال في مشيته أما الأعداء.. وهذا لأنه يدخل الرعبة على الأعداء. وكذلك الحال في الصدقة، فإن هذا يحمل على السخاء، فتهزه سجية السخاء، فيعطيها المستحق بطيب نفس، وانشراح صدر، وانبساط وجه، فلا يمن، ولا يستكثر كثيرا، ولا يبالي بما أعطى، ولا يعطي منها شيئا، إلا وهو مستقل؛ وذلك لأنه يكون سببا للاستكثار. وهذا لا يعارض قوله ﷺ : «كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة». [سنن النسائي (5/ 79)]. فالمراد بالاختيال هناك أن يكون طيب النفس، منشرح الصدر، منبسط القلب، لا يستكثر، ولا يمن، بخلافه هنا، فإنه التكبر على الفقراء، ورفع نفسه عنهم، والتطاول بلسانه عليهم، والمن بما أعطاه لهم، والإعجاب بنفسه، وحب المحمدة على فعله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (23/ 60)].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.