استئذان الزوج زوجته في الصوم

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل كما أن على الزوجة الاستئذان من زوجها إذا أرادت أن تصوم صيام التطوع، عليه هو نفس الشيء لأن الأسباب  تنطبق على كلاهما والنساء شقائق الرجال وإلّا فما الحكمة من ذلك ؟.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

أولا : القاعدة، أن الله سبحانه وتعالى هو الحكيم، وهو المشرع، فيجب التسليم لأحكامه، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ ‌الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]. أدركنا الحكمة أم لم ندكرها، فتمام الإيمان هو التسليم المطلق، وإلا ما كان بين المؤمن والكافر فرق.
   
ثانيا : لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة، فكل شرع الله ما يخصه من أحكام، وإن حصل التساوي في كثير منها، فهذا لا يعنيأن المساواة بإطلاق، لأن المساواة لا تكون حقا دائما، وإنما العدل هو الحق. قال ربنا:﴿‌وَلَا ‌تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء: 32].

رابعا : حديث:«إنما النساء ‌شقائق ‌الرجال». [سنن أبي داود (1/ 96 ط مع عون المعبود)]. لا يصح عن النبي ﷺ، بل هو منكر، وسيأتي معنا تخريجه إن شاء الله. ثم هو ورد في مسألة معينة، عن عائشة، قالت: «سئل النبي ﷺ عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل، قال: لا غسل عليه، فقالت أم سليم: المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: نعم، إنما النساء ‌شقائق ‌الرجال.». [سنن أبي داود (1/ 95 ط مع عون المعبود)]. فلا وجه لتعميم القول بأنهن شقائق الرجال في كل شيء وهو قد ورد في الاحتلام.

خامسا : المرأة تستأذن زوجها حينما تريد صوم نافلة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم ‌وزوجها ‌شاهد ‌إلا ‌بإذنه». [صحيح البخاري (7/ 30)]. وهذا الحكم خاص بالنافلة، أما الفريضة فلا تستأذنه، أما قضاء الفريضة فتسأذنه إن كان هناك وقت واسع للقضاء، فإن لم يتبق وقت لم تستأذنه. كما أن الحكم يشمل جميع النوافل كصلاة أو صوم أو حج أو اعتكاف..

سادسا : الرجل لا يستأذن زوجته، إذ لم يرد نص يوجب عليه ذلك، ولا بأس بالبحث عن الحكمة مع التسليم. فقيل لأن حقه أعظم، ولأن رغبته أكبر لذلك أحل له الزواج بأكثر من واحدة. لذا قالت زوجة صفوان بن المعطل:«‌ويفطرني ‌إذا ‌صمت». [سنن أبي داود (2/ 306 ط مع عون المعبود)]. أي أن زوجها ينقض صومها حينما يريدها. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أتى رجل النبي ﷺ، فقال: هلكت؛ وقعت على أهلي في رمضان..». [صحيح البخاري (8/ 23)]. أي أن الصوم كان سببا في الوقوع على أهله، ولا يعلم أن صحابية كانت سببا في إفساد صوم زوجها.

لكن هذا لا يعني حرمة إخبار الزوجة زوجته بذلك، فقد ورد عن أمنا قولها:«كل أمره كان عجبا أتاني في ليلتي، حتى إذا دخل معي في ‌لحافي، وألزق جلده بجلدي، قال: يا عائشة ائذني لي، أتعبد لربي، فقلت: إني لأحب قربك وهواك..». [أخلاق النبي لأبي الشيخ الأصبهاني (3/ 120)]. وهذا ليس بواجب، وإنما هو من باب الإخبار وحسن العشرة، وكذا ينظر الرجل في حال زوجته، فقد توجد حالات خاصة يحتاج فيها إلى ذلك.

 المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.