ترك أبي زرعة وأبي حاتم الرازي حديث البخاري
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل. أحسن الله إليكم. سمعت عن طريق بعض الإخوة أن الإمام البخاري رحمه الله قد ترك حديثه الإمام الرازي واستشكلت ذلك، إذ أن البخاري شيخنا ثقة عند الائمة والإمام الرازي ترك حديثه لأي علة؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
قال عبد الرحمن في ترجمة البخاري :«سمع منه أبي وأبو زرعة ثم تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى النيسابوري أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق». [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 191)].
فظهر بذلك سبب تركهما لحديثه، وذلك أن الإمام الذهلي اتهم البخاري بمسألة خلق لفظ القرآن، وكتب بذلك، ولما بلغهما ذلك تركا حديثه. ولا يضره ما قالاه لأمور :
- الأمر الأول : لأن البخاري نفى عن نفسه ذلك، وقد قال:«من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو كذاب ، فإني لم أقله». [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 396)].
الأمر الثاني : أن كلام الأقران لا عبرة به، قال الذهبي:«كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية، لا يلتفت إليه، بل يطوى، ولا يروى، كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة، وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين، والكتب، والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع، وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه، لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة، وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف، العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله -تعالى-». [سير أعلام النبلاء (10/ 92 ط الرسالة)]. وهذا كما ترى يرد على منهج الغلاة مما يجعل كلام العلماء مطية للطعن فيهم.
الأمر الثالث : أن الدنيا اجتمعت على أنه ثقة، كما قال الذهبي رحمه الله:«إن تركا حديثه، أو لم يتركاه، البخاري ثقة مأمون محتج به في العالم». [سير أعلام النبلاء (12/ 463 ط الرسالة)]. فمن اجتمع عليه الناس وخالفهم غيرهم فلا يعتد به.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.