السواك للصائم

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله. من فضلكم، هل يحل السواك للصائم؟.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

الخلاصة : «اختلف العلماء في حكم السواك للصائم، فقال الحنفية لا بأس به، والمشهور عند الشافعية والحنابلة أنه يكره بعد الزوال، وكره المالكية الرطب دون اليابس. والذي نراه أنه مباح للصائم في أي وقت لا فرق بين الرطب واليابس. ويدخل في الحكم معجون الأسنان الذي لا ينفذ».

اختلف العلماء في حكم السواك للصائم :

القول الأول : أنه مشروع مطلقا، وهو قول عمر وابنه، والزبير ومروي عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم والنخعي وابن سيرين وعروة واختيار النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشوكاني. وقول الحنفية ووافقهم مالك في اليابس منه.[بغية النساك في أحكام السواك]. واستدلوا :
- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي، أو على الناس، لأمرتهم ‌بالسواك ‌مع ‌كل ‌صلاة». [صحيح البخاري (2/ 4)].. قالوا هذا عام ولا وجه لتخصيصه.
ورد عليهم بأنه مخصص بأحاديث سيأتي ذكرها.
- «عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعد وما لا ‌أحصي ‌يستاك ‌وهو ‌صائم. وقال عبد الرحمن: ما لا أحصي يتسوك وهو صائم». [مسند أحمد (24/ 447 ط الرسالة)].
ورد عليهم بأن الحديث ضعيف.
-عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خير ‌خصال ‌الصائم ‌السواك». [سنن ابن ماجه (1/ 536 ت عبد الباقي)].
ورد عليهم بأن الحديث ضعيف أيضا.
- القياس على المضمضة فهي تزيل أثر الرائحة.
ورد عليهم : أن هذا قياس مع الفارق؛ لأن المضمضة لا تزيل خلوف فم الصائم بينما السواك يزيله فافترقا في الحكم.

القول الثاني : يكره بعد الزوال وهو مروي عن عطاء ومجاهد وإسحاق والشافعي وأحمد ووافقهم مالك في كراهة الرطب مطلقا، واستدلوا :
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب ‌عند ‌الله ‌من ‌ريح ‌المسك.». [صحيح البخاري (7/ 164)].
ورد عليهم : أنه لا دليل في الحديث عن السواك، ثم السواك لا يزيل الخلوف؛ لأن الخلوف من المعدة والحلق، لا من محل السواك، ولذلك إذا أكل الإنسان ثوما أو بصلا لم تذهب الرائحة بتطهير الفم بالسواك؛ لأن مبعث ذلك المعدة.
ثم أين تقييده بالزوال؟.فلو أن الإنسان تسحر مبكرا، أو لم يتسحر، فإن معدته ستخلو مبكرة.
ورد على هذا أن تغير الفم في هذه تلك المرحلة لا ينسب فيه إلى الصوم بل إلى النوم، وإلى ما كان تعشاه وتسحر به، أما بعد الوال فيكون سببه الصوم.[السواك وما أشبه ذلك.أبو شامة].
- القياس على الشهيد : لأن المطلوب أن يبقى أثر العبادة على المسلم وأثر الصيام الخلوف، وهذا كالشهيد يدفن بدمه.
ورد عليهم : القياس على الشهيد لا يصح، لأن العلة في دفن الشهيد على حاله أن دمه يوم القيامة يجيء:«واللون لون الدم ‌والريح ‌ريح ‌المسك.». [صحيح البخاري (4/ 19)].
ورد عليهم بأن الحديث ضعيف.

والمفتى به عندنا جوازه للصائم في أي وقت، «عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ‌تسوك ‌وهو ‌صائم». [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (6/ 131)]. وإسناد الحديث حسن. ويدخل في الحكم كل ما يستاك به، كمعجون الأسنان الذي ليست له قوة نافذة، والمسلم يتحرز من دخول شيء إلى جوفه  المعجون والسواك سواء.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.