كلام مخترع عن التعدد

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شاهدت مقطعا لأحد الدعاة يجالس متبرجة وقد سألته عن التعدد، فرد عليها ردا  عجيبا،  ذكر فيه نقولا عن بعض العلماء  كقول ابن خلدون :(تبصرت في الأمم الهالكة فوجدتهم اعتادوا أن تكون لهم زوجة واحدة). وقول ابن سينا:(أن الرجل إذا كانت له زوجة واحدة ابتلي في جسده ونفسه ادركه الهرم وهو في عنفوانه، شكي من داء العظام في الظهر والرقبة والمفاصل، كثر يأسه ، وقلت حيلته، وذهبت بشاشته، وصار كثير التذمر والشكوى). ولما ولي ابن إسحاق النيسابوري الكرك منع العطايا عن من كانت له زوجة واحدة قالوا له ولما فعلت كذا قال : (تلك أموال الله لا نعطيها للسفهاء) فهل هذه النقولات صحيحة بارك الله فيكم.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
 
كل هذه النقولات متخيلة لا وجود لها، ومن العيب أن تنسب للعلماء، فلا وجود لها في كتبهم ولا نسبها لهم أحد.
 
وهذا حقيقة مشكل كبير برز في زماننا، فمن نسميهم نحن بالوعاظ، كانوا قديما يطلق عليهم (القصاص)، وكان دورهم هو الوعظ والتذكير فقط، لكن دخلوا في أمور الفقه والحديث فأفسدوا أكثر مما أصلحوا، وكان ابن عمر شديدا عليهم، فعن عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر، وجاء رجل قاص وجلس في مجلسه فقال ابن عمر: «قم من مجلسنا»، فأبى أن يقوم، فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشُرَط:  أقم القاص، ‌فبعث ‌إليه ‌فأقامه». [مصنف ابن أبي شيبة (5/ 291 ت الحوت)]. وكان إذا دخل المسجد ووجد أحد هؤلاء خرج«5553». [مصنف عبد الرزاق (3/ 495 ط التأصيل الثانية)].
 
وسبب ذم كثير من الصحابة والعلماء لهؤلاء لما يجري في مجالسهم من أحوال، منها : أن الأخبار التي يوردونها لا تصح ولانشغالهم عن العلوم الشرعية الحقة، كعلوم القرآن والحديث والفقه.. لهذا يسيء كثير منهم حينما يتحدث في دقائق الفقه. وهذا ظاهر من حالهم وخاصة في زماننا هذا الذي كثر فيه الدعاة بشكل كبير، وخاصة أن الناس تجعل منهم علماء، وهذا سببه شهرتهم، قال ابن الجوزي:«فالعالم عند ‌العوام ‌من ‌صعد ‌المنبر». [القصاص والمذكرين (ص318)]. وفي وقتنا من كثر متابعوه.
 
وكما نرى لا يتورع الدعاة عن مجالسة النساء  والمتبرجات والانبساط معهن في الحديث بدل الإنكار عليهن، ومن عجيب ما ذكر ابن الجوزي في شروط جواز الوعظ قوله:«وإذا حضر مجلسه ‌نسوة ضرب بينهن وبين الرجال حجابا، وأشار إلى وعظهن وتخويفهن من تضييع حق الزوج والتفريط في الصلاة. ونهاهن عن التبرج والخروج. وذكر ما في ذلك من الأحاديث». [القصاص والمذكرين (ص367)]. فكيف أذا جالس متبرجة لا ينكر عليها تبرجها،  ويضحك ويظهر الفرح على ملامحه.

فالناس ستستشكل هذا الكلام لأنه ظاهر الخطأ، لكن ماذا عن الكلام الذي يروجه كثير منهم ولا يظهر خطأه لدقته؟.

المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.