أسباب اختلاف المذاهب الفقهية وموقف المسلم منها
السؤال :
السلام عليكم ورحمة آلله وبركاته شيخنا جزاك الله خيرا.
أريد جوابا عن سؤالي وهو كالتالي: بما أننا نحن على سنة واحدة وهي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لماذا هذا الاختلاف الذي بين المذاهب؟ مالسبب وكيف اعرف المذهب الذي يجب علي اتباعه؟
أريد جوابا عن سؤالي وهو كالتالي: بما أننا نحن على سنة واحدة وهي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لماذا هذا الاختلاف الذي بين المذاهب؟ مالسبب وكيف اعرف المذهب الذي يجب علي اتباعه؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الخلاف القائم بين العلماء ليس في أصول الدين ولله الحمد، وإنما في أمور غيرها، وللاختلاف أسباب كثيرة نجملها في أمور :
1- عدم بلوغهم الحديث: وهذا أمر معلوم، فلا يمكن لأحد أن يدعي إحاطته بجميع أحاديث السنة النبوية، فهذا الإمام أحمد كان يحفظ مليون حديث وقال لابنه: ما كتبت عن فلان؟ فذكر له أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخرج يوم العيد من طريق ويرجع من أخرى. فقال الإمام أحمد بن حنبل : إنا لله سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبلغني!. [تلبيس إبليس (ص290)]. وكان الإمام مالك لا يعلم عن تخليل الأصابع حتى حدثه ابن وهب بالحديث فقال :«ما سمعت به قط إلا الساعة. ثم سُمع بعد ذلك يُسأل فيأمر بتخليل الأصابع». [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 32)]. وهذا كان في الصحابة وهم أعلم، فقد غاب عن ابن مسعود نسخ التطبيق، ولقد غاب عن أبي بكر ميراث الجدة، ولقد غاب عن عمر أخذ الجزية من المجوس سنين، وإجلاء الكفار من جزيرة العرب إلى آخر عام من خلافته. [المحلى بالآثار (8/ 153)].
2- يبلغه الحديث ولكن يراه ضعيفا لا يثبت، ويرى غيره صحته لأسباب كثيرة أيضا.
3- قد يبلغه الحديث ويصح عنده، لكن ينساه، وهذا كما وقع لعمر رضي الله عنه، فعن عبد الرحمن بن أبزى:«جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء؟ فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك هكذا. فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه». [صحيح البخاري (1/ 75)]. وللسيوطي رسالة [تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي].
4- وقد لا يكون كل ذلك، لكن يختلفون في فهم الحديث، فعن ابن عمر قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة. فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم». [صحيح البخاري (2/ 15)]. فأخذ قومٌ من أصحابه بظاهر الأمر، وقالوا: لا نُصلِّي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فاتنا الوقت. ونظر آخرون إلى المعنى، فقالوا: إن المقصود من ذلك الأمر الاستعجال، فصلُّوا قبل أن يَصِلُوا إلى بني قريظة. [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 174)].
5- قد لا يعلم بنسخ الحديث، كما وقع لابن مسعود فعن الأسود وعلقمة قالا :«فلما ركع وضعنا أيدينا على ركبنا قال: فضرب أيدينا وطبق بين كفيه، ثم أدخلهما بين فخذيه». [صحيح مسلم (2/ 68)]. بينما الحكم نسخ، مصعب بن سعد يقول: «صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي وقال: كنا نفعله فنهينا عنه، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب.». [صحيح البخاري (1/ 157)].
6- وتوجد غير هذه راجعها في كتاب [رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية] وكتاب [الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف للدهلوي] [الخلاف بين العلماء لابن عثيمين].
والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام:
1ـ عالم، وهذا ظاهر.
2ـ طالب علم عنده من العلم، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحر فهذا يحاول النظر في أدلة العلماء وفهمها.
3ـ عامي لا يدري شيئا، وهذا لا سبيل له غير تقليد مذهب البلد، وسؤال علماء بلده حتى يفتوه في أمر دينه، لكن يحرص على اختيار المتخصص الثقة.
المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.