ميراث العم وحقوق البنات
السؤال :
السلام عليكم دكتور. أريد أن أسألك و أتمنى أن تفيدني من علمك وجزاك الله خيرا. كيف يمكننا فهم قضية ميراث العم، هذا العم الذي لم يكن يسأل على بنات أخيه قبلا، ثم إذا توفي ورث منه، وربما أخرج بنات أخيه من المنزل، فهلا وضحتم لنا هذا بارك الله فيكم.. لأن من يريد إلغاء التعصيب يستدل بهذا الأمر. وشكر الله لكم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم.
قضية ميراث العم تبين في مسائل:
1. مما حرصت عليه النسوية شيطنة الرجل، فبعدما شيطنوا الولي ونزعوا الولاية عنه وشيطنوا الزوج ثم الأخ.. الآن شيطنوا العم، وجعلوا جميع الأعمام سواء! وهذا لا يصح، فإن وجدت حالات فلا يصح تعميمها. وكم من نساء مات عنهن والدهن ولم يترك ميراثا أصلا، فلم تجد البنات غير العم! فعالم من أحرم الناس ببنات أخيه في الأصل، لذا كان يسمى أبا، كما قال ربنا:﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 133].إسماعيل هو عم يعقوب عليهما السلام ، ولكنه سمي أبا! ووجود أعمام سوء لا يجوز تعميمه، فكم وجد في الأمهات مثل ذلك.
2. الشريعة تؤخذ جملة لا مجزأة، وهذا لأن العم الذي يرث مع بنات أخيه، نفقتهن واجبة عليه، من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وتزويج.. لقول ربنا:﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: 233].فالذي يجب على الوارث هو الذي يجب على الوالد سواء. وورد «أن عمر جبر رجلا على نفقة ابن أخيه». [مصنف ابن أبي شيبة (4/ 186 ت الحوت)]. وعن زيد بن ثابت قال: «إذا كان عم وأم، فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العم بقدر ميراثه». [مصنف ابن أبي شيبة (4/ 184 ت الحوت)].
بل إن «عمر بن الخطاب حبس عصبة حتى ينفقوا على صبي، الرجال دون النساء». [الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (5/ 169)]. فانظر كيف عاقبهم بالحبس الرجال دون النساء!.
3- إذا علمنا هذا، فلو تصورنا أن أبا توفي ولم يترك شيئا أصلا، لكان على العم نفقتهن، فهاهو لم يأخذ شيئا ومع ذلك سينفق عليهن.
4- امتناع بعض الأحكام عن حكم الله، لا يعني إلغاء ميراثهن، بل معاقبتهن، فبدل إصدار قوانين تحرف أحكام الميراث، تصدر قوانين توجب عليهم النفقة.
5- إذا كان الشخص يعيش بين قوم ظلمة فجرة، ويعلم أنهم قوم لا دين لهم، فبإمكانه أن يهب بناته (https://t.me/savoir_qui_profite/312) ما تقوم بهن حياته، وكذلك عندنا ما يسمى في الفقه بـ(العمرى والرقبى) وهي أن يهب الإنسان شيئا لشخص هبة مُقيّدة بعمره، فيقول: وهبتك هذه عمرك، أو يقول: أعمرتك هذه أو أرقبتك هذه.. و نوع من أنواع الهبة، لكنها مقيدة بالعمر. وقد يأتي معنا بيان أحكامها.
فالشريعة كاملة لا ينبغي اجتزاؤها، وقد قال ربنا:﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61].
فنحن نقوم حياتنا لتوافق شرع الله لا العكس.
المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.