حدود التعامل مع الإخوة من الرضاع
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بارك الله فيكم دكتور قاسم، أود سؤالكم سؤالا: هل يجوز لي إظهار زينتي أمام أخي من الرضاع. أتمنى أن تجيبوني بارك الله فيكم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم.
بيان هذا في مسائل :
1. للرضاع شروط، فلا بد أن يكون في الحولين، وتحقق عدد الرضعات المطلوب (هنا).
2. الرضاع كالنسب في الأصل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب». [صحيح البخاري (3/ 170 ط السلطانية)]. فالأب والإخوة والاخوات والأمهات.. من الرضاع، كالذين هم من النسب فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة.. [فتح الباري لابن حجر (9/ 141 ط السلفية)].
لذا كان الزواج بينهم محرم، فعن ابن عباس قال: «قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تزوج ابنة حمزة؟ قال: إنها ابنة أخي من الرضاعة». [صحيح البخاري (7/ 9)]. فحمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم أرضعته ثويبة مولاة أبى لهب، ثم أرضعت بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكذا الخلوة مباحة في الأصل، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي. فقال: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة.». [صحيح البخاري (7/ 10)].
3. لكن لا بد من مراعاة أحوال وسياق هذا الرضاع، فالأخ من الرضاع الذي لم ينشأ معه أخته من الرضاع لا يمكن أن يكون كالذي نشأ معها، فنظرة الأول ستكون نظرة أخ لأخته، أما الثاني فهي أضعف، لذا ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت:«اختصم سعد وابن زمعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة.. [صحيح البخاري (8/ 165)]. فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر سودة بالاحتجاب من الغلام الملحق، وإن كان أخاها شرعا للشَّبَه.
وقد كان الإمام مالك رحمه الله يبالغ في هذا الباب حتى منع فيه ما يجر إلى بعيد التهم والارتياب؛ حتى منع خلوة المرأة بابن زوجها، والسفر معه، وإن كانت محرَّمة عليه؛ لأنه ليس كل أحد يمتنع بالمانع الشرعي؛ إذا لم يقارنه مانع عادي، فإنه من المعلوم الذي لا شك فيه أن موقع امتناع الرجل من النظر بالشهوة لامرأة أبيه ليس كموقعه منه لأمه وأخته. هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية، وذلك قد أنست به النفس الشهوانية، فلا بد مع المانع الشرعي في هذا من مراعاة الذرائع الحالية. [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 503)].
فلا بد من مراعاة هذا الأمر، والتعامل مع الإخوة من الرضاع لا يكون بتوسع كبير كالإخوة تماما من حيث الخلوة والعورة.. ولا بد من التفريق بين من نشأ في بيت واحد، وبين من نشأ في بيت مستقل..
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.