خروج أمنا عائشة للإصلاح بين الصاحبة، دليل على الاختلاط!.

السؤال :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
من المعلوم أن أمنا عائشة خرجت في حادثة الجمل، وكانت تصلح بين الصاحبة، فكيف يقال بحرمة الاختلاط وخروج المرأة بين الرجال؟. ألم تخرج وتختلط بالرجال وتحل الفتنة بينهم ؟.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

يجاب عن هذا من أوجه  :

1. ن الجميل أن تكون أمنا عائشة قدوة لك، ومن الجميل أن تستدلي بها، ونتمنى أن تظلي على هذا بعدما نبين لك الأمر، ونتمنى فعلا أن تكوني مثل أمنا وتتشبهي بها.

2.أمنا عائشة لم تكن تختلط بالرجال، وذلك أن أمنا رضي الله لم تكن تلبس النقاب، بل كانت فيما هو أعظم من ذلك وهو (الحجاب) قال ربنا ﴿وَإِذَا ‌سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: 53].
فالحجاب هو الساتر بين شيئين كالحائط والإزار ونحوهما ولا علاقة له باللباس، كقول ربنا :﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ ‌حِجَابٍ﴾ [الشورى: 51]. وقد سبق لنا بيان هذا مفصلا، وهو مما وقع في الخلط كثيرا. (هنا)
فنساء النبي ﷺ لم يكن أحد يرى شخوصهن أصلا، فأمنا كانت تخرج في هودج وهو ذاك البيت الذي يكون فوق البعير، فعنها قالت: «فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا ‌لم ‌يثقلهن ‌اللحم، إنما تأكل العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه». [صحيح البخاري (6/ 102 ط السلطانية)].

3. قلت بارك الله فيك (واقعة الجمل) فلم سميت بهذا الاسم؟. لأنا أمنا عائشة كانت في هودج فوق الجمل، قال ابن كثير: «‌فجلست ‌في ‌هودجها فوق بعيرها، وستروا الهودج بالدروع». [البداية والنهاية (10/ 455 ت التركي)]. 

4. مع ذلك كله، فأمنا عائشة أخطأت واعترفت رضي الله عنها وندمت ندما شديدا لخروجها ذلك، أما أنها أخطأت فعن قيس بن أبي حازم قال:«لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ‌ماء ‌الحوأب قالت: ما أظنني إلا أني راجعة فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون، فيصلح الله عز وجل ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم:  كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ ». [مسند أحمد (40/ 299 ط الرسالة)].
أما أنها ندمت، قال الذهبي :«‌فإنها ‌ندمت ‌ندامة ‌كلية، وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وجماعة من الكبار - رضي الله عن الجميع -». [سير أعلام النبلاء - ط الرسالة (2/ 193)]. وكانت رضي الله عنها إذا قرأت:«{‌وقرن في بيوتكن}. تبكي حتى تبل خمارها». [الزهد لأحمد بن حنبل (ص135)].

فنسأل الله أن تكوني مثل أمنا عائشة وتقري في بيتك، ولا نطالبك ب‍هودج، وإنما بترك الاختلاط عن الرجال. والحمد لله على نعمة العلم.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.