الموقف من حماس
السؤال :
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الله شيخنا الفاضل.. بعد موت هنية افترق الناس إلى طوائف، وكل يدعي أمورا بسببها لم نعد نعرف الحق من الباطل، لم نعد ندرك الواجب علينا، فهلا بينتم لنا الحق جزاكم الله خيرا، فنحن نعلم أنكم لا تتبعون حزبا ولا تتعصبون لأحد ولا مصلحة لكم في أي قول.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الله شيخنا الفاضل.. بعد موت هنية افترق الناس إلى طوائف، وكل يدعي أمورا بسببها لم نعد نعرف الحق من الباطل، لم نعد ندرك الواجب علينا، فهلا بينتم لنا الحق جزاكم الله خيرا، فنحن نعلم أنكم لا تتبعون حزبا ولا تتعصبون لأحد ولا مصلحة لكم في أي قول.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الذي ندين الله به:
1- يجب توقير المجاهدين الذين يقاتلون العدو، ولا ينبغي التعرض لهم بشيء، وقتالهم ضد عدوهم صحيح. وهذا مما لا ينبغي الاختلاف عليه.
2- لا شك أن حماس لها دور كبير في إعداد المجاهدين والسعي الحثيث في البحث عما يعينهم، ولا يضرهم الاستعانة بالروافض وغيرهم طلبا للسلاح، فقد استعار النبي ﷺ درعا من صفوان بن أمية يوم حنين.«3562». [سنن أبي داود (3/ 321 ط مع عون المعبود)]. وكاستعانته بيهود بني قينقاع وقد قسم لهم، وكانتصاره بعمه أبي طالب على قريش، وكلجوء الصحابة إلى النجاشي وكان نصرانيا من أذية قريش؛ لعدم وجود مسلم يعين، وقد استأجر النبي ﷺ الدليل الكافر كما في هجرته. فإذا جاز التعامل مع من يسب الله من المشركين، فمن دون ذلك أولى بالجواز كمن يسب الصحابة. ومن العجيب أن يعيب المداخلة حماسا لأنها استعانت بمن يسب الصحابة، ويسكتون عمن يستعين بمن يدعي لله الولد!
3. خطأ حماس حقيقة ليس في الاستعانة، وإنما تحالفهم مع من استباح قتل المسلمين، بل تمجيد قادتهم ووصفهم بالشهداء، فمن اضطرب لأكل ميتة لا يباح له نظم قصيدة في مدح لحمها، ولأن أهل الإسلام على ملة واحدة، فلا فرق عندنا في مسلم يعيش في غزة وبين مسلم يعيش في سوريا أو السودان، فلا يصح أن نقضي غرضا لمسلم على حساب أطفال ونساء بلد من بلدان المسلمين، والضرورة لا تبيح ذلك، فلو خيرت بين قتل غيرك وبين حفظ نفسك، لما أحل لك قتل غيرك، فقد قال النبي ﷺ :«المسلمون تتكافأ: دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم». [سنن أبي داود (3/ 34 ط مع عون المعبود)]. فإذا كانوا لا يقبلون التطبيع مع المحتل، فكذلك لا يقبل تطبيعهم مع إيران التي دمرت أهل السنة في الشام واليمن. بالإضافة إلى الحكم بما أنزل الله جل شأنه، فهذا أول الأمور، وهو سبيل النصر والتمكين.
4. لا يحل الفرح بموت واحد منهم، ولا الشماتة بهم كما يفعل المداخلة، بل المرء يخجل من نفسه لأنه جزء مما وقعوا فيه بسبب خذلانهم، والواجب إعانتهم لا الإعانة عليهم، قال ابن تيمية:«ألا ترى أن أهل السنة وإن كانوا يقولون في الخوارج والروافض وغيرهما من أهل البدع ما يقولون، لكن لا يعاونون الكفار على دينهم، ولا يختارون ظهور الكفر وأهله على ظهور بدعة دون ذلك». [منهاج السنة النبوية (6/ 375)]. والمداخلة الذين لا يردون كلاما لابن عثيمين، فهو يقول لما سئل عن الشيشان :«فهب أنهم تصرفوا وأخطأوا، هل إذا أخطأوا -وهم إن شاء الله لهم أجر على اجتهادهم- ندعهم تأكلهم الطيور! أبدا، أخطأوا وكلنا نخطئ، لكن لما وقعوا في الشباك يجب أن ننقذهم بقدر المستطاع، فلا لبس في موضوعهم». [اللقاء الشهري (70/ 42)].
فما بال المداخلة يفرحون بموت المسلمين! بل هذا مدعاة للحزن أن فقدنا من كان ينافح ويدافع.. بل لو فرض أن كافرا يدافع عن المسلمين، لكان الدعاء له بالظهور على من ظلمنا مطلوبا، فعن أم سلمة تحكي ما حصل عند النجاشي :«فوالله إنا على ذلك إذ نزل به -يعني من ينازعه في ملكه- قالت: فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك، تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه .. قالت: ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله ﷺ وهو بمكة». [مسند أحمد (3/ 268 ط الرسالة)]. فهي تذكر حزنهم والدعاء لرجل كافر بالظهور، لأنه كان أرحم بهم من غيره.
فكيف بمن أخطأ اضطرارا منهم، وقاتل من أجل الدين ورفع راية الإسلام؟. فالواجب نصرتهم وتقويمهم، لا خذلانهم والتشفي فيهم.
المجيب: أ. د قاسم اكحيلات