الصلاة في المقبرة
السؤال :
جزاك الله خيرا أستاذ، من فضلك أستاذ ما حكم الصلاة في المقبرة؟
الجواب :
بارك الله فيكم.
ذهب الحنفية إلى أنه تكره الصلاة في المقبرة، وبه قال الثوري والأوزاعي، وقال المالكية: تجوز الصلاة بمقبرة عامرة كانت أو دارسة، منبوشة أم لا، لمسلم كانت أو لمشرك. وفصل الشافعية الكلام فقالوا: لا تصح الصلاة في المقبرة التي تحقق نبشها بلا خلاف في المذهب، لأنه قد اختلط بالأرض صديد الموتى، هذا إذا لم يبسط تحته شيء، وإن بسط تحته شيء تكره. وقال الحنابلة: لا تصح الصلاة في المقبرة قديمة كانت أو حديثة، تكرر نبشها أو لا.[الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 346)].
والراجح أن الصلاة في المقبرة تمنع إلا ما ورد النص باستثنائه، فعن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله ﷺ :«لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها». [صحيح مسلم (3/ 62)]. وعن أنس بن مالك قال :«نهى رسول الله ﷺ عن الصلاة بين القبور». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (6/ 587)]. وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ :«الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام». [سنن الترمذي (1/ 350)].
أما الاستثناء فقد ورد في صلاة الجنازة التي لم يصل عليها، فعن أبي هريرة :«أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد -أو شابا- ففقدها رسول الله ﷺ. فسأل عنها -أو عنه- فقالوا: مات. قال: أفلا كنتم آذنتموني. قال: فكأنهم صغروا أمرها -أو أمره-. فقال: دلوني على قبرها، فدلوه. فصلى عليها. ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها. وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم». [صحيح مسلم (2/ 659 ت عبد الباقي)].
وكذلك استثني من النهي الصلاة على القبر، وهذا فيمن لم يصل عليه، فعن أنس :«أن النبي ﷺ صلى على قبر». [صحيح مسلم (3/ 56)].
والصلاة في المقبرة ليس من أجل النجاسة فقط، فأجساد الأنبياء في قبورها كما هي، لقول النبي ﷺ:«إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء». [سنن أبي داود (1/ 405 ط مع عون المعبود)]. مع ذلك ورد النهي عن اتخاذها مساجد، فعن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:«قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». [صحيح البخاري (1/ 95)]، ولكن من أجل ذريعة الشرك.
والنصوص ظاهرة في النهي كما رأيت، يقول الشيخ محمد المنتصر الريسوني:«قضية الصلاة في المقبرة قال فيها الشرع حكمه بصراحة ولم يعد هناك شك في ذلك، ومن شكك في هذا فقد شكك في الوحي». [وكل بدعة ضلالة (ص170)].
أ.د قاسم اكحيلات.