مصير خُطب النبي ﷺ
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك من أهل الضلال من يسأل سؤال استنكاري، ألا وهو أين خطب الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بقصد الطعن. فما هو الرد عليهم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
لا نعلم حقيقة سبب اعتبار هذه المسألة الشبهة؟. فلِم يفرض هؤلاء نقل خطب الجمعة أصلا، وماذا لو لم تنقل؟. وما الذي يجب على المسلمين روايتها أصلا وعدد الأحاديث بالآلاف!. لكن بيان ذلك في نقاط :
– خطب النبي ﷺ لم تكن طويلة كما يتصورها الناس، فهي كانت يسيرا جدا، عن جابر بن سمرة السوائي قال :«كان رسول الله ﷺ لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات». [سنن أبي داود (1/ 432 ط مع عون المعبود)]. فلا يصح تصورها كحال خطب الوعاظ اليوم.
- خطب النبي ﷺ مجموعة في كتب خاصة منها [خطب النبي ﷺ لعلي بن محمد المدائني (ت: 224 هـ)]. وكتاب [خطب النبي ﷺ لأبي أحمد العسال (ت: 349 هـ)]. و[خطب النبي ﷺ لأبي الشيخ محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني (ت: 369 هـ)]. و[خطب النبي ﷺ لأبي نعيم الأصبهاني (ت: 430 هـ)]. وغيرها من الكتب التي لا يسعنا ذكرها في هذا المقام.
- خطبه مبثوثة متفرقة في كتب السنة، يمكن مراجعتها في كتاب [إتحاف الأنام بخطب رسول الإسلام لمحمد خليل الخطيب].
- خطب النبي ﷺ ذابت في غيرها من الأحاديث، فهناك أحاديث نقلت وهي في الأصل خطبة، فاقتصر راويها على الشاهد منها، لأنه هو الذي يراد. وليس شرطا أن تنقل لنا كما هي بلفظها، وخاصة مع جواز الرواية بالمعنى. ومن هذا حديث المنذر بن جرير، عن أبيه، عن النبي ﷺ قال :«من سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده». [مسند أحمد (31/ 494 ط الرسالة)]. ففي الأصل هذا قاله ﷺ في خطبة، فعند مسلم عن المنذر بن جرير، عن أبيه قال :«كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار، أو العباء متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله ﷺ لما رأى بهم من الفاقة فدخل، ثم خرج، فأمر بلالا فأذن، وأقام فصلى ثم خطب فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية {إن الله كان عليكم رقيبا} والآية التي في الحشر {اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله} تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت قال: ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام، وثياب حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله ﷺ: من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده». [صحيح مسلم (3/ 86)]. فانظر كيف اقتصر الإمام أحمد على جزء من الرواية، مع أن أصلها خطبة.
فما يصح به الدين موجود في الأحاديث الصحيحة التي تبلغ عددا كبيرا، مع وجود هذه الخطب في مصنفات خاصة أو متفرقة في الكتب، أو مذابة في غيرها من الأحاديث.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.