الصوم عن الكلام!.

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا دكتور. أردت أن أسألك عن شيء حيرني، هل يجوز الصوم عن الكلام ثلاث ليال سويا للتعبد والاتصال بالله، ولمواجهة الاكتئاب هل هو جائز.؟.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

الصوم عن الكلام من البدع التي أُدخلت على المسلمين عن طريق ما يطلق عليه بالتنمية البشرية، أخذوها من الديانات الأخرى وحاولوا أسلمتها ليسهل على المسلمين تصديقها، وبيان هذا : 

- الصمت عن الكلام تعبدا أصله من الديانات المنحرفة، وخاصة الهندوسية والبوذية، ففي الهندوسية يوجد عيد يسمونه (نيابي) ومعناه (يوم الصمت) يصمتون فيه يوما كاملا!. وكذلك البوذية لهم (النيرفانا) وهي حالة لا يوصل إليها إلا بالصمت!. ومن هذا ظهر ما يسمونه اليوم بـ(دقيقة صمت) وهو تقليد لطائفة مسيحية تسمى (Quakers).  من أجل هذا كان الصمت عن الكلام على هذا النحو من أعمال الجاهلية،  عن قيس بن أبي حازم قال: «دخل أبو بكر على امرأة من ‌أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلم فقال: ما لها لا تكلم؟. قالوا: حجت ‌مصمتة، قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية». [صحيح البخاري (5/ 41)]. 

ومن أسلم هذه الفكرة استدل بصوم زكريا ومريم، وهذا استدلال باطل : 

أما صوم زكريا فلم يكن اختيارا منه بل كان جبرا، قال ربنا :﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ [آل عمران: 41]. قال ابن عباس في تفسيرها:«‌يعتقل ‌لسانك من غير مرض وأنت سوي». [المستدرك على الصحيحين (2/ 319)].  

وأما نذر مريم فهذا لأنه كان سائغا في دينهم وحرمه الإسلام،  عن ابن عباس قال: «بينا النبي ﷺ يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي ﷺ: مره فليتكلم ‌وليستظل وليقعد، وليتم صومه». [صحيح البخاري (8/ 143)]. وعن إياد بن لقيط قال :«سمعت ليلى امرأة بشير أنه سأل النبي ﷺ: أصوم يوم الجمعة، ولا أكلم ذلك اليوم أحدا؟. فقال النبي ﷺ: لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها، أو في شهر، وأما أن لا تكلم أحدا، فلعمري لأن تكلم بمعروف، وتنهى عن منكر خير من أن تسكت». [مسند أحمد (36/ 285 ط الرسالة)].
ويقال أيضا أن سكوتها كان آية لها، فهي لا تجد حجة للدفاع عن نفسها، عن حارثة قال:«كنت عند ابن مسعود، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر، فقال: ما شأنك؟. فقال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم. فقال عبد الله: كلم الناس وسلم عليهم، فإن ‌تلك ‌امرأة ‌علمت ‌أن ‌أحدا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج. يعنى بذلك مريم». [تفسير الطبري (15/ 518)].

ومن عجيب قول قتادة -وكأنه يتحدث عن زماننا- قوله رحمه الله :«وإنك لا تشأ أن ‌تلقى ‌امرأة ‌جاهلة، ‌تقول: نذرتُ كما نذرت مريم أن لا أتكلم يوما إلى الليل!.». [تفسير عبد الرزاق (2/ 357)].

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.