التفريق بين بيع ما لا يملك وبين بيع السلم
السؤال :
السلام عليكم أستاذنا. صديق لي لديه محل بيع هواتف يأتي الزبون فيسأله عن هاتف من نوع كذا إن وجده في محله تبايعا عليه، إن لم يجده يذهب لمحل آخر فيأتي بالهاتف و يبيعه للمشتري فيأخذ هامش ربحه و يدفع الباقي لصاحب المحل المجاور له. كنت قد نصحت صديقي أن هذا فعل لا يجوز لأن فيه بيع ما لا يملك بعد مقطعك عن بيع السلم وبيع لا تملك اختلط علي الامر فأردت التأكد من فعل صديقي هذا و هو فعل يقوم به العديد من التجار خصوصا ان كانوا في سوق يجمعهم نفس المنتوج.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
من الجميل أن يثار مثل هذا الموضوع، لأن الناس للأسف بل حتى كثير ممن يحسب على الفقه يغيب عنه ما يسمى في الفقه بـ (بيع السلم).
فهناك فرق كبير بين بيع ما لا يملك وبين بيع السلم، فمثلا : تعرض هاتفا معينا تضع له صورة وتكتب عنه جميع المواصفات التي ترفع عنه الجهالة، فنفرض أن صاحب المتجر الرئيسي يتوفر على أربعة هواتف من نوع واحد ولنرقمها (1) (2) (3) (4). فهذه الأربعة هي التي في الصورة، فأنا أشتري واحدا منها من غير تعيين.
وأثر هذا لو تعطل الهاتف رقم (1) فيمكنك حينها أن تسلمني الهاتف رقم (2) لأنني طلبت وصفا محددا وأنت حققته لي، كما انه يمكنك تسلمي رقم (3) أو (4). لا فرق. بل لو اتفقت معي ورجعت لصاحب المتجر فلم تجد الهواتف الأربعة، فلك أن تشتريه من عند متجر آخر، فالمهم هو الوصف المطلوب.
لكن في بيع ما لا يملك، فأنا أطلب منك الهاتف رقم (3) فلو تعطل فأنت مطالب بالهاتف رقم (3) لا غيره فعليه تم العقد.
وليكون السلم جائزا في غير الذهب والفضة، ولا بد من شروط :
الشرط الأول : أن يغلب وجود السلعة عند حلول الأجل.
الشرط الثاني : أن يعلم المشتري كل مواصفات هذه السلعة، فتكون الصورة واضحة وكذا المعلومات تزيل الجهالة عن السلعة.
الشرط الثالث : أن تأخذ ثمن السلعة في الحين، وليس عند التسليم.
الشرط الرابع : أن تحدد موعد التسليم.
ودليل جواز هذا البيع حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :«قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم». [صحيح البخاري (3/ 85)].
وهناك نوع أخر يختلف عن بيع ما لا يملك، وهو ما يسمى بـ(المرابحة للآمر بالشراء) لكن لا بد لها من شرطين :
الشرط الأول : أن لا تأخذ منه أي مال، إذ لو أخذته فسيصير بيعا.
الشرط الثاني : أن لا يكون الوعد ملزما، فلا يعدو الأمر أن يكون اتفاقا، ولأحد الطرفين التراجع.
فما يقوم به صديقك يمكن أن يدخل في بيع السلم، بما أن المشتري يعلم الهاتف الذي يأتيه به، وأن صحابك يأخذ المال كاملا، وأنه يحضره له في الوقت المحدد.
كما أنه يجوز لصحابك أن يؤخر أخذ ثمن الهاتف من باب المرابحة، لكن بالشرطين المذكورين، فيعلم المشتري الهاتف ثم لا ياخذ الصديق منه مالا، ثم يأتيه بالهاتف ويأخذ المال.
وهناك حلول أخرى :
- الوكالة : وهي أن تكون وكيلا عن صاحب السلعة، أي أنك تبيع عنه تلك السلعة بنسبة من الربح، أو تتفق معه أن ما زاد عن ربح هو فمن حقك.
- وللوكالة وجه آخر : وهي أن تتفق مع المشتري بأن تجلب له السلعة ولك أجرتك. وذلك أن تعرض السعلة مع بيان صفتها وثمنها، مع بيان عمولتك مقابل جهدك، ويمكن أن يكون المبلغ محددا او نسبة.
- السمسرة : وذلك بأن تتوسط بين البائع والمشتري، وفق مبلغ معين وتأخذ المال مقابل جهدك.
فهذه حلول كثيرة لا تدخل في بيع ما لا يملك كما يتوهم البعض.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.