لا يحل وصف أحد بالشهيد
السؤال :
السلام عليكم شيخنا بارك الله فيكم. ما رأيكم في من يصف الرافضي بالشهيد؟. وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
بيان هذا في أمور :
1. لا يحل وصف المسلم صحيح الدين بالشهيد، لأن ذاك يدخل في الغيبيات لأنه شهادة بالجنة، وقد صح عن عمر بن الخطاب قوله :«وأخرى تقولونها لمن قتل في مغازيكم أو مات: قتل فلان شهيدا، ومات فلان شهيدا!. ولعله أن يكون قد أوقر عجز دابته، أو دف راحلته ذهبا، أو ورقا يلتمس التجارة، لا تقولوا ذاكم، ولكن قولوا كما قال النبي، أو كما قال محمد صلى الله عليه وسلم: من قتل أو مات في سبيل الله، فهو في الجنة». [مسند أحمد (1/ 383 ط الرسالة)]. وعن عبد الله بن معقل قال: كنا قعودا عند عبد الله بن مسعود، فقال رجل من القوم: قتل فلان شهيدا، فقال عبد الله: «وما يدريك أنه قتل شهيدا؟. إن الرجل يقاتل غضبا، ويقاتل حمية، ويقاتل رئاء، إنما الشهيد من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا». [سنن سعيد بن منصور - الفرائض إلى الجهاد - ت الأعظمي (2/ 251)]. وللبخاري باب :«لا يقول فلان شهيد». [صحيح البخاري (4/ 37)]. وعمر بن الخطاب قال :«لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن الخطاب، اذهب فناد في الناس أنه: لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون». [صحيح مسلم (1/ 75)].
2. إذا كان هذا الحكم في المسلم الظاهر صلاحه، فكيف بالرافضي؟ الذي جمع بين ضلال العقيدة وبين ظلم المستضعفين، بل فرضنا -جدلا- جواز ذلك لمنع منع لما فيه من تلميع له، والواجب عكس ذلك، لذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على بعض أصحابه ممن قتل نفسه حتى لا يتجرأ الناس.
2. صدور وصف الشهيد من بعض من نقيم لهم وزنا في الساحة لا يعني جواز ذلك، فهذا مما ينتقد عليهم، والجهاد لا يثبت لهم العصمة. لكن في المقابل يجب اختيار الوقت المناسب للإنكار حتى لا يضعفهم ذلك، فعن عمر أنه كتب إلى الناس :«أن لا يجلدن أمير جيش ولا سرية رجلا من المسلمين حدا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلا لئلا تحمله حمية الشيطان فيلحق بالكفار». [سنن سعيد بن منصور - الفرائض إلى الجهاد - ت الأعظمي (2/ 235)]. فتأخير الحد ليس الغرض منه إسقاطه، ولكن الغرض تأجيله حتى لا يظهر ضعف المسلمين. بل قد يكون فيه فتنة لصحابه، كلحقوه بالمشركين حمية وغضبا كما قاله عمر وأبو الدرداء وحذيفة وغيرهم. وقد نص أحمد وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإسلام على أن الحدود لا تقام في أرض العدو. [أعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 432 ط عطاءات العلم)].
3. سبب رواج مثل هذه الشبهة على الناس، أنه لا يمكنهم التفريق بين الموالاة، وبين المعاملات، فقد تستعين بمشرك وتشكره وغير ذلك، لكن هذا لا يعني موالاته ووصفه بأوصاف فيها مخالفة ظاهر، وقد ذكرنا قبلا قول سماء عن أرض الحبشة :«وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء بالحبشة». [صحيح البخاري ( ط دار التأصيل 5/ 350)]. وقول أم سلمة :«ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده». [مسند أحمد (3/ 268 ط الرسالة)]. التعامل العام لا يبيح الموالاة. ونزيد في ذلك ما قاله عمرو بن العاص عن الروم :«إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة، وأمنعهم من ظلم الملوك ». [صحيح مسلم (8/ 176)].
ونسأل الله نصر أهلنا في غزة، وأن يكفيهم شر الصهاينة، ويرفع راية الإسلام بهم، ويشهد الله أننا نستحي حينما نخوض فيما يتعلق بهم، بسبب خذلانا المستمر.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.