الصلاة بين السواري
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله.حياكم اللَّه شيخنا، ما حكم الصلاة في الصف المنقطع بسارية، و خاصة إذا كان الصف الأول، وهل القول بالتحريم قول شاذ؟. أفيدونا جزاكم اللَّه خيرًا. وانتفعنا كثيرا بما تنشرونه، تقبل الله منكم وكتب أجركم ورضي عنكم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
المتفق عليه بين الفقهاء أنه في حالة ضيق المسجد فإن الصف بين السواري مشروع [النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (4/ 221)]. وإنما الخلاف فيما إذا كان المسجد واسعا، فمذهب الحنفية [المبسوط للسرخسي (2/ 35)]. والشافعية [فتح المنعم شرح صحيح مسلم (3/ 88)]. جواز ذلك، ودليلهم حديث ابن عمر قال: «دخل النبي ﷺ البيت وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال، فأطال، ثم خرج، كنت أول الناس دخل على أثره، فسألت بلالا: أين صلى؟ قال: بين العمودين المقدمين». [صحيح البخاري (1/ 107)]. لكن الحديث ليس محل النزاع، لأن النبي ﷺ صلى منفردا، لذا بوب عليه البخاري :«باب الصلاة بين السواري في غير جماعة». [صحيح البخاري (1/ 107)]. وإنما محل الإشكال في حال الصف.
وقال مالك :«لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد». [المدونة (1/ 195)]. وذهب الحنابلة إلى كراهة ذلك [المغني لابن قدامة (3/ 60)]. غير أن الحنابلة لم يكرهوه للمنفرد [المغني لابن قدامة (3/ 60)]. ودليلهم حديث معاوية بن قرة، عن أبيه قال: «كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله ﷺ ونطرد عنها طردا». [سنن ابن ماجه (1/ 320 ت عبد الباقي)]. لكنه حديث ضعيف (بيناه هنا). وعن أنس قال: «نهينا أن نصلي بين الأساطين». [مصنف ابن أبي شيبة (2/ 146 ت الحوت)]. وهو كذلك ضعيف (بيناه هنا).
وعن عبد الحميد بن محمود قال: «صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فتقدمنا، وتأخرنا، فقال أنس : كنا نتقي هذا على عهد رسول الله ﷺ».. [سنن أبي داود (1/ 252 ط مع عون المعبود)]. وهو صحيح الإسناد (بيناه هنا)، ونوقش بأن قوله (كنا نتقي هذا) يراد به التقدم والتأخر. لكن بينت رواية ابن حبان أنه أراد اتقاء الصلاة بين السواري «2741». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (3/ 455)].
ومن كره الصلاة بين السواري للمأمومين ظاهر في أن العلة هي قطع الصف، أما من كرهه للمنفرد، فعلل ذلك بأن السواري موضع جمع النعال فلا يخلو من نجاسة. [شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي (2/ 28)].
والظاهر أن الصلاة بين السواري للمأمومين تكره في حال السعة، أما المنفرد فلا تركه صلاته وحده بين السواري وكذلك الإمام لو صلى وحده في الصف، لأنه لا صف يقطع، وتعليل كراهة صلاة المنفرد بين السواري بالنجاسة لا يستقيم وخاصة في زماننا.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.