صحابيات طبيبات
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله. دكتور قاسم بارك الله فيكم، كيف نرد على من يستدل على خروج المرأة للاختلاط والعمل بحجة أنه صحابيات كن طبيبات. وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
ليس غرضنا إحراج الدعاة ولا بيان جهل بعضهم بالنصوص، ولكن هم من وضعوا أنفسهم في هذه الدائرة النتنة، فتجده يذكر روايات لا تصح، كعمل أمنا خدبجة، أو يفضح نفسه التي تدرك نصف العلم، كأخبار تطبيب الصحابيات للرجال.
هذا الأمر ليس بالهين، لأن المرأة التي تدرس الطب إنما تدرسه مع رجال، فيُنشر لها جسد رجل عار تماما، فتلمس ذكره لتفكك أجزاءه وتكتشف أسراره بحضور زميلها الرجل! ولربما يشرح لها أكثر فهو أدرى منها بذلك!. فأي ذوق هذا؟!.
عزيزي المسلم، أحاديث تطبيب النساء للرجال على نوعين :
النوع الأول : أحاديث ورد فيها تطبيب النساء للرجال :
- عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال :"لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فثقل ، حولوه عند امرأة يقال لها: رفيدة ، وكانت تداوي الجرحى ، فكان النبي ﷺ إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟، وإذا أصبح: كيف أصبحت؟. فيخبره ".(صحيح في الأدب المفرد.1129).
- عن يزيد بن هرمز :"أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال ، فقال: ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه ، كتب إليه نجدة: أما بعد، فأخبرني هل كان رسول الله ﷺ يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟. فكتب إليه ابن عباس: كتبت تسألني هل كان رسول الله ﷺ يغزو بالنساء؟. وقد كان يغزو بهن ، فيداوين الجرحى ، ويحذين من الغنيمة ، وأما بسهم فلم يضرب لهن ".(مسلم.1812).
- وعن الربيع بنت معوذ ، قالت:" كنا مع النبي ﷺ نسقي ونداوي الجرحى ، ونرد القتلى إلى المدينة " .(البخاري.2882).
-وعن أم عطية الأنصارية، قالت: " غزوت مع رسول الله ﷺ سبع غزوات ، أخلفهم في رحالهم ، فأصنع لهم الطعام ، وأداوي الجرحى ، وأقوم على المرضى " .(مسلم.1812).
- و عن أنس بن مالك ، قال:" كان رسول الله ﷺ يغزو بأم سليم ، ونسوة من الأنصار معه إذا غزا ، فيسقين الماء ، ويداوين الجرحى".(مسلم.1810).
النوع الثاني : أحاديث تنهى المرأة عن تطبيب الرجال :
- عن أم كبشة قالت:"يا رسول الله، ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا. قال: لا. قلت: يا رسول الله، إني لست أريد أن أقاتل، إنما أريد أن أداوي الجريح والمريض، أو أسقي المريض. فقال: لولا أن تكون سنة, ويقال: فلانة خرجت، لأذنت لك، ولكن اجلسي".(صحيح رواه الطبراني.431).وفي رواية:"اجلسي، لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة".(صحيح رواه ابن سعد.238/8). فانظر كيف تحاول إقناع النبي صلى الله عليه وسلم، فهي لا تريد القتال إنما التطبيب!.
- عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية:"أن النبي ﷺ لما غزا بدرا. قالت: قلت له: يا رسول الله، ائذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم، لعل الله أن يرزقني شهادة. قال: قري في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة.فكانت تسمى الشهيدة".(حسن رواه أبو دود.591).
-عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت استأذنت النبي ﷺ في الجهاد فقال جهادكن الحج".(البخاري.2875.). وهذا عام في كل جهاد.
فلماذا تهمل هذه الأحاديث مع أن منها المتأخرةعن الأحاديث الأولى، حتى ذهب بعض العلماء إلى أنها ناسخة لها، مع أنه لا حاجة للقول بالنسخ، فالنبي ﷺ نهى للمرأة عن مداواة الرجال في الأصل، وإنما أباح لها ذلك للضرورة وقلة الرجال.
فالروايات كلها تتحدث عن الغزو، فعند الضرورة يحل للمرأة نفسها العلاج عند رجل، فعن جابر رضي الله عنه : "أن أم سلمة استأذنت رسول الله ﷺ في الحجامة ، فأمر النبي ﷺ أبا طيبة أن يحجمها. قال: حسبت أنه قال: كان أخاها من الرضاعة، أو غلاما لم يحتلم".(رواه مسلم.2206).
وقول الراوي : "حسبت أنه قال : كان أخاها من الرضاعة، أو غلاما لم يحتلم". تأويل منه ولا حاجة إليه، قال ابن القطان الفاسي:"هذا التأوبل من أحد الرواة وهو غير محتاج إليه إذا تحققت الضرورة".(إحكام النظر.461).
فالاحتجاج بحالات الضرورة كالاحتجاج بجواز التبرج بحديث أنس رضي الله عنه، قال: "لما كان يوم أحد، انهزم الناس عن النبي ﷺ، قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم وإنهما لمشمرتان، أرى خدم [موضع الخلخال ]سوقهما [جمع ساق] تنقزان القرب".(البخاري.2880.مسلم.1811). فهل يستدل بانكشاف ساق أم سليم وعائشة على جواز كشف سوق المسلمات؟!. مع أن الموقف موقف حرب وكر وفر وخوف وذعر..
ثم لا تنفك المسلمة المخدوعة أن تقول ( أنتم تبحثون عن طبيبة حينما ترغبون في توليد نسائكم).
قولك هذا يجعلك تتفقين معنا على حرمة الاختلاط، وإنما يباح للضرورة، فهل هذا يعني أنك ستمنعين المرأة من باقي المهن المختلطة التي لا نحتاج فيها إلى نساء، كالمحاسبة مثلا!. وماذا عن تجمعاتك الخارجة عن ضرورة التطبيب؟ كالدعوة المختلطة، والأندية..
نحن لا نبحث عن طبيبة، لأنها موجودة، فالتبرج حرام وهو موجود، والخمر محرمة وهي موجودة، وكذا الاختلاط محرم والطبيبات موجودات فنحن لم نصل لحد لا نجد فيه طبيبة،نحن نخاطبك أنت، أنت لست مضطرة للتماعك مع الرجال، وحينما نصل لمرحلة تمتثل فيها كل النساء للشرع حينها يمكن الحديث عن الضرورة.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.