الخلط بين السرقة وغيرها

السؤال :

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله دكتور قاسم وشفاكم الله. سمعت مقطعا للشيخ (…) بارك الله فيه، ذكر أن ركوب القطار دون دفع المال سرقة، وقد تذكرت أني فعلت هذا قبل التزامي قديما، فهل فعلا هو سرقة وهذا يوجب القطع؟ وكيف التحلل منه؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب :

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
 وبارك الله فيكم.

لا يصح الخلط بين المصطلحات الشرعية، فهناك فرق بين السرقة وغيرها من الألفاظ كالغصب والحِرابة والنهْب والاختلاس والخيانة… ولكل منها معنى يترتب عليه حكم مختلف. وما ذكرتم بخصوص ركوب القطار دون دفع ثمن التذكرة لا يدخل في تعريف السرقة الموجبة للقطع. ويتضح ذلك من خلال بيان بعض الفروق:

- الاختلاس: أخذ الشيء بحضرة صاحبه جهرا مع الهرب به سواء جاء المختلِس جهارا أو سرا، مثل أن يمد يده إلى منديل إنسان فيأخذه.
- الانتهاب: أخذ الشيء قهرا، فالانتهاب ليس فيه استخفاء مطلقا، في حين أن الاختلاس يستخفى في أوله.
- الغصب (أو الاغتصاب): أخذ الشيء قهرا وعدوانا.
- الحرابة: أخذ المال مع إخافة الناس وانعدام الغوث.
- الخيانة: جحد الأمانة وإنكار ما استُودع. [الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 288)].

أما السرقة فهي: أخذ مالٍ مملوكٍ للغير، نصابٍ محرَز، خفية، من بالغ عاقل، من غير شبهة ملك. ولا يثبت فيها الحد إلا إذا اجتمعت هذه الشروط في السارق والمسروق منه والمال المسروق : 

أما السارق فلا بد أن يكون بالغا فلا يؤاخذ الصبي، وكذا المجنون، ولا تقطع يد من سرق في شبهة، فلا تقطع يد الأب إذا سرق من ابنه، ولا قطع بين الزوجين،وكذا لا يقطع من كان به جوع ولم يجد طعاما بعد سؤال إخوة الإسلام فلا يعره أ‍حد اهتماما.. وتوجد استثناءات كثيرة  فيها خلاف بين الفقهاء وكذلك هي كثيرة لا يمكن بسطها في هذا المقام.

أما الشيء المسروق: فلا بد أن يكون مبلغا م‍حددا، فلو كان أقل فلا قطع فيه، وهو النصاب، وهو ربع دينار، والدينار يساوي أربعة غرامات وربع (4.25غ) من الذهب. فمن سرق أقل من هذه القيمة فلا قطع. ولا بد أن يكون الشيء المسروق في حرز، فلو استودعك شخص مالا فأخذته فهذه ليست سرقة وإنما خيانة، والحرز هو المكان المعد لحفظ المال.

أما المسروق منه : فلا من انتفاء شهبة الملك، ولا بد أن يكون مالكا له، فمن سرق شيئا لا يملكه آخر فلا قطع، كمن سرق خروف الأضحية فهي ليست ملكا لصحابها بل هي لله، وكذا الخمر وآلات اللهو.

لكن هذا لا يعني أن باقي الأفعال مباحة، بل هي محرمة وفيها التعزير، والتعزير قد يكون قاسيا أحيانا فيصل إلى القتل وفق اجتهاد القاضي.

فالواجب عليك التوبة والندم ورد الحق إلى أصحابه، فإن تعذر الوصول إليهم تصدّقت به عنهم على نية الوصول إليهم إن أمكن.

المجيب : د. قاسم اكحيلات.