أحكام الاستخارة

- الاستخارة : طلب الخيرة اسم من قولك اختار الله له.(إرشاد الساري.للقسطلاني).
-أجمع العلماء على أنها سنة، في الأمور الصغيرة والكبيرة، فعن جابر قال:"كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها كالسورة من القرآن".(البخاري).قال ابن بطال:"وينبغى له أن لا يروم شيئا من دقيق الأمور وجليلها، حتى يستخير الله فيه ويسأله أن يحمله فيه على الخير ويصرف عنه الشر؛ إذعانا بالافتقار إليه فى كل أمر والتزاما لذلة العبودية له، وتبركا باتباع سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) فى الاستخارة".(شرح البخاري).
-الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلى الاستخارة فيها، إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج مثلا في هذه السنة؛ لاحتمال عدو أو فتنة، والرفقة فيه، أيرافق فلانا أم لا.(الموسوعة الفقهية).
- لا استخارة في أمور العبادات في ذاتها، لكن تجوز" فيما يحتف به من أحوال، كأن يستخير في وقت العمرة، أو مقدار الوقف، أو غير ذلك".(صلاة الاستخارة.عقيل بن سالم الشهري).
- تشرع الاستخارة في الخطبة ونحوها، فعن أنس قال:"لما انقضت عدة زينب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: «فاذكرها علي»، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري، ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليها بغير إذن".(مسلم).
قال النووي:"ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم".(المنهاج).
-يستحب لمن أراد الاستخارة ان يكون خالي الذهن ولا تؤثر عليه عوارض، ويستحب له أن يستشير أهل الفهم والعلم قبل الاستخارة، وقيل بل يقدم الاستخارة على الاستشارة.
- صلاة الاستخارة ركعتان دون الفريضة، قال صلى الله عليه وسلم:"إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة".(البخاري). قال المباركفوري:" فيه دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة".(تحفة الاحوذي).
- واختلف في الركعتين، هل المقصود بهما صلاة خاصة، أم أي نافلة؟.
 قال النووي:" وتكون الصلاة ركعتين من النافلة، والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وبتحية المسجد وغيرها من النوافل".(الأذكار).
وقال قوم المقصود هو النوافل المطلقة لا الرواتب، قال بد الدين العيني:"ذا استثنيت الفرائض تستثنى السنن معها تبعا لها، فيكون المراد ركعتين من النافلة المحضة".(شرح سنن أبي داود).
وقيل بل هي ركعتان للاستخارة صلاة مقصودة بذاتها وهو المختار.
-صلاة الاستخارة كباقي الصلوات، و قال المالكية والحنفية والشافعية أن المصلي يقرأ في الركعة الأولى {قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثانية {قل هو الله أحد}. والصواب أنه لا نص في تعيين سورة دون غيرها وهو مذهب الحنابلة.
- لا حرج في تكرار صلاة الاستخارة، فعن ابن مسعود قال:" "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا دعا ثلاثا؛وإذا سأل سأل ثلاثا".(مسلم).
قال محمد الخضر الجكني:"ويستحب تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك، حتى ينشرح صدره لما يفعل، ويستدل لهذا بأن النبي عليه الصلاة والسلام، كان إذا دعا دعا ثلاثا".(كوثر المعاني).
فإذا استخار المسلم ربه ولم يتبين له شي فيعيدها، جاء في الموسوعة الفقهية:"ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن تكرار الاستخارة يكون عند عدم ظهور شيء للمستخير، فإذا ظهر ه ما ينشرح به صدره لم يكن هناك ما يدعو إلى التكرار".انتهى.
-ذهب جمهور الفقهاء إلى أن صلاة الاستخارة لا تزيد على ركعتين، وقال الشافعية بل يصلي ما شاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"اكتم الخطبة  ، ثم توضأ فأحسن وضوءك، وصل ما كتب الله لك، ثم احمد ربك ومجده، ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر..".واعتبروا التقييد فيه بالركعتين لبيان أقل ما يحصل به.
والراجح أنها لا تزيد عن ركعتين وما ورد مطلقا يقيد بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" فليركع ركعتين ".(البخاري).
- كره الفقهاء الأربعة صلاتها في أوقات النهي حتى الشافعية الذين يقولون بجواز صلاة ذوات الأسباب. وقال ابن تيمية بل تصلى إن تداركه الأمر.قال رحمه الله:"ويصلي صلاة الاستخارة وقت النهي في أمر يفوت بالتأخير إلى وقت الإباحة".(الفتاوى).
- الدعاء يكون بعد الصلاة وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وقال قوم يكون قبل السلام ولو في السجود أو بعد التشهد. والراجح الأول لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ثم ليقل".
- إذا كانت امرأة حائض وأرادت أختها الصلاة والاستخارة نيابة عنها لم يجز، قال ابن عبد البر:"أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يصلي أحد عن أحد فرضا عليه من الصلاة، ولا سنة، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحد في حياته عن أحد، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه".(الاستذكار).
- قال  الحنفية، والمالكية، والشافعية، تجوز بالدعاء فقط من غير صلاة إذا تعذر الصلاة. والحنابلة لم يذكروا غير الصلاة والدعاء هو الصواب. أما الحائض فلها الدعاء بدعائها.قال النووي:"ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء".(الأذكار).
-لا حرج على من لا يحفظ الدعاء أن يقرأه من ورقة ولا إشكال في هذا.(كشف الستارة عن صلاة الاستخارة.أبو عمرو الحمادي).
-قال قوم الاستخارة لا تكون في حال التردد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا هم أحدكم بالأمر "، ولأن الدعاء جميعه يدل على هذا.فإذا كان المسلم مترددا في أمر، وأراد الاستخارة، عليه أن يختار منهما أمرا، ويستخير عليه، ثم بعد الاستخارة يمضي فيه، فإن كان خيرا؛ يسره الله وبارك له فيه، وإن كان غير ذلك؛ صرفه عنه، ويسر له ما فيه الخير بإذنه سبحانه وتعالى.(بغية المتطوع.بازمول).
وقيل بل تكون فيمن احتار في أمرين، لاستخارة عند التردد ، حتى يختار الله له ما هو أصلح ، مثلا : أراد أن يسافر ولا يدري هل هذا خير أم لا ؟ فيستخير ، أما إذا عرف أنه خير فلا يحتاج استخارة ".(الفتاوى الثلاثية).
-اختلفوا هل تكفي صلاة واحد عن أمور متعددة أم لا بد لكل امر صلاة؟. قال قوم لا مانع.فهي دعاء والمسلم يدعو بما شاء.
وقيل بالتفصيل : فأمور مرتبطة بعضها ببعض، كأمور الدراسة في الجامعة، وتنوع الكليات، فيصح أن يجمع أكثر من أمر في صلاة واحدة.
أما الأمور الغير مرتبطة ببعضها: فهناك من أهل العلم من يجيز الجمع بين أكثر من أمر.(صلاة الاستخارة.الشهري).
وظاهرة الحديث أن لكل أمر صلاة.
-ودعاء الاستخارة مع بيان معناه :"اللهم إني أستخيرك بعلمك[أي أطلب الخير منك لأنك أعلم]، وأستقدرك بقدرتك[أي أن تجعل لي قدرة على الامر]، وأسألك من فضلك العظيم[أي أسألك ذلك لأجل فضلك العظيم، لا لاستحقاقي ذلك]؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم؛ وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر[يسميه باسمه وقيل تكفي النية] خير لي في ديني[ إن هنا للتأكيد، لا للشك، كما يقول الرجل لابنه: إن كنت ابني فلا تفعل كذا، فإنه لا يشك في كونه ابنه، وإنما مراده التأكيد في الانتهاء عن ذلك الفعل]، ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به قال: ويسمي حاجته".(البخاري). اما شك الراوي فإن السمتخير يختار لفظا واحدا.ورجح ابن القيم لقظ ( وعاقبة أمري) "لأن عاجل الأمر وآجله هو مضمون قوله: ديني ومعاشي، وعاقبة أمري فيكون الجمع بين المعاش وعاجل الأمر وآجله تكرارا، بخلاف ذكر المعاش والعاقبة، فإنه لا تكرار فيه، فإن المعاش هو عاجل الأمر والعاقبة آجله".جلاء الأفهام).
-ليس للاستخارة علامات للمضي في الأمر، بل المسلم يستخير الله ثم يمضي في مسألته جاء في (طبقات الشافعية.للسبكي) : " عن الشيخ كمال الدين[هو الزملكاني] أنه كان يقول إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه قال وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس". وراجع (علامات الاستخارة).

والله الموفق.
(قاسم اكحيلات).