زيارة النساء للقبور
السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أحسن الله إليكم شيخنا. سؤال : ما حكم ذهاب الأم لزيارة ابنها الميت في المقبرة.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
• الخلاصة : «اختلف العلماء في حكم زيارة النساء للقبور، والذي نراه جواز ذلك شرط تجنب المنكرات وعدم الإكثار من ذلك».
اختلف العلماء في ذلك، فقال قوم ذلك مباح أو مستحب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مر النبي ﷺ بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال: اتقي الله واصبري.». [صحيح البخاري (2/ 73 ط السلطانية)]. والشاهد أنه صلى الله عليها وسلم مر عليها وهي عند قبر ابنها ولم ينهها عن الزيارة وإنما نهاها عن البكاء وأمرها بالصبر.
وفي حديث عائشة أنها سألت النبي عن زيارة القبور، كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين، والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا، والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ». [صحيح مسلم (3/ 64 ط التركية)] ولم ينهها بل بين لها دعاء زيارة القبور.
وقال غيره هو حرام أو مكروه، فعن ابن عباس، قال: «لعن رسول الله ﷺ زوارات القبور». [سنن ابن ماجه (1/ 502 ت عبد الباقي)].
لكن على فرض صحة هذا الحديث فقد أجاب عنه من أباح بأنه يخص المكثرات من الزيارة، لأن زوارات لفظة مبالغة، فيكون «هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة؛ لأن زوارات للمبالغة، ويمكن أن يقال: إن النساء إنما يمنعن من إكثار الزيارة لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوج والتبرج والشهرة والتشبه بمن يلازم القبور لتعظيمها، ولما يخاف عليها من الصراخ وغير ذلك من المفاسد، وعلى هذا يفرق بين الزائرات والزوارات». [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 633)].
والظاهر جواز ذلك، ودليل الإباحة عموم قوله ﷺ «قد كنت قد نهيتكم، عن زيارة القبور ألا فزوروها». [المستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية (1/ 530)]. وأصرح منه حديث عن عبد الله بن أبي مليكة، أن عائشة«أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله ﷺ نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان قد نهى، ثم أمر بزيارتها». [المستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية (1/ 532)].
لكن هناك من قال أن عائشة لم تكن تقصد الزيارة وإنما مرت على قبر اخيها من غير قصد. قلنا : العبرة بقولها :«ثم أمر بزيارتها». ومثل هذا لا يقال بالرأي وهي من شهدت التنزيل وعلمت النهي المتقدم والمتأخر.
فلا إشكال في زيارتهن للمقبرة بشروط : أن يكن ملتزمات ما أوجب الشرع عليهن عند الخروج إلى المساجد، ونحوها، بأن يكن محتجبات، غير متطيبات، وغير مظهرات زينتهن، وغير قاصدات للمحظور المذكور، من النياحة، بل لمجرد السلام، والدعاء للميت، وتذكر الآخرة، والاعتبار بأصحاب القبور، والابتعاد عن الاختلاط بالرجال.
وراجع للفائدة حكم اتباع النساء للجنازة (هنا).
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.
بارك الله فيكم.
• الخلاصة : «اختلف العلماء في حكم زيارة النساء للقبور، والذي نراه جواز ذلك شرط تجنب المنكرات وعدم الإكثار من ذلك».
اختلف العلماء في ذلك، فقال قوم ذلك مباح أو مستحب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مر النبي ﷺ بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال: اتقي الله واصبري.». [صحيح البخاري (2/ 73 ط السلطانية)]. والشاهد أنه صلى الله عليها وسلم مر عليها وهي عند قبر ابنها ولم ينهها عن الزيارة وإنما نهاها عن البكاء وأمرها بالصبر.
وفي حديث عائشة أنها سألت النبي عن زيارة القبور، كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين، والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا، والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ». [صحيح مسلم (3/ 64 ط التركية)] ولم ينهها بل بين لها دعاء زيارة القبور.
وقال غيره هو حرام أو مكروه، فعن ابن عباس، قال: «لعن رسول الله ﷺ زوارات القبور». [سنن ابن ماجه (1/ 502 ت عبد الباقي)].
لكن على فرض صحة هذا الحديث فقد أجاب عنه من أباح بأنه يخص المكثرات من الزيارة، لأن زوارات لفظة مبالغة، فيكون «هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة؛ لأن زوارات للمبالغة، ويمكن أن يقال: إن النساء إنما يمنعن من إكثار الزيارة لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوج والتبرج والشهرة والتشبه بمن يلازم القبور لتعظيمها، ولما يخاف عليها من الصراخ وغير ذلك من المفاسد، وعلى هذا يفرق بين الزائرات والزوارات». [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 633)].
والظاهر جواز ذلك، ودليل الإباحة عموم قوله ﷺ «قد كنت قد نهيتكم، عن زيارة القبور ألا فزوروها». [المستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية (1/ 530)]. وأصرح منه حديث عن عبد الله بن أبي مليكة، أن عائشة«أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله ﷺ نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان قد نهى، ثم أمر بزيارتها». [المستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية (1/ 532)].
لكن هناك من قال أن عائشة لم تكن تقصد الزيارة وإنما مرت على قبر اخيها من غير قصد. قلنا : العبرة بقولها :«ثم أمر بزيارتها». ومثل هذا لا يقال بالرأي وهي من شهدت التنزيل وعلمت النهي المتقدم والمتأخر.
فلا إشكال في زيارتهن للمقبرة بشروط : أن يكن ملتزمات ما أوجب الشرع عليهن عند الخروج إلى المساجد، ونحوها، بأن يكن محتجبات، غير متطيبات، وغير مظهرات زينتهن، وغير قاصدات للمحظور المذكور، من النياحة، بل لمجرد السلام، والدعاء للميت، وتذكر الآخرة، والاعتبار بأصحاب القبور، والابتعاد عن الاختلاط بالرجال.
وراجع للفائدة حكم اتباع النساء للجنازة (هنا).
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.