منع المرأة زوجها من التعدد
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا بارك الله فيك ونفع بك هل يجوز للمرأة أن تمنع زوجها من التعدد عليها.
الجواب :
سبق لنا الحديث عن حكم اشتراط المرأة على الخاطب عدم التعدد (هنا). والتعدد حق مشروع للزوج بشروطه المعلومة، وهو حق لغير المتزوجة كذلك، فعن أم حبيبة بنت أبي سفيان ، قالت: «دخل علي رسول الله ﷺ، فقلت له: هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: أفعل ماذا؟ قلت: تنكحها. قال: أو تحبين ذلك؟ قلت: لست لك بمخلية وأحب من شركني في الخير أختي. قال: فإنها لا تحل لي». [صحيح مسلم (4/ 165 ط التركية)]. فمن تزعم اليوم أنها أغير من أم المؤمنين؟.
والغيرة لا تورث الحقد والكراهية، ولا تمنع الحلال وليست عذرا لذلك، فها هي أمنا عائشة وقد كان بينها ما يكون بين المرأة وبين ضرتها، ومع ذلك تقول عن زينب :«ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة». [صحيح مسلم (7/ 136 ط التركية)]. ولما سأل النبي ﷺ زينب عن عائشة في حادثة الإفك قالت :«يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيرا. تقول أمنا : وهي التي كانت تساميني، فعصمها الله بالورع». [صحيح البخاري (3/ 176 ط السلطانية)]. بينما نسمع اليوم عن نساء خلعن نقابهن وتبرجن عند أول يوم في المحكمة بسبب إعلان الرجل زواجه، أما أمنا عائشة كانت تقول :«كنت أطيب رسول الله ﷺ، فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرما ينضخ طيبا». [صحيح البخاري (1/ 62 ط السلطانية)].
فلا يحل للمرأة الاعتراض على التعدد لمجرد عدم قبولها بذلك، لأن هذا حق له، وله الأخذ بما شرعه الله وليس لأحد أن يمنعه، والغيرة ليست عذرا، فحتى نساء النبي ﷺ كانت لهن غيرة وحصل منهن ذلك، ولم يحصل من واحدة الاعتراض على زواج النبي ﷺ، ففرق بين الغيرة وبين الاعتراض، فربنا يقول ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لكم ﴾ [البقرة: 216]. فكراهية القتال لا تبيح للرجال الامتناع عنه حال الجهاد. فطلبها الطلاق لغير ضرر يعد معصية لقول النبي ﷺ :«أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.». [سنن أبي داود (2/ 235 ط مع عون المعبود)].
ولو حصل للمرأة حالة نفسية كرهت معها الزوج وخافت عدم القيام بحقه كما حصل لامرأة ثابت، وبلغت مبلغا عظيما، فلها طلب الطلاق في هذه الحالة، لكن يكون ذلك منه هو، فإن لم يقبل فليس لها إلا الخلع، وهو أن تدفع له عوضا حتى يطلقها، عن ابن عباس :«أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي ﷺ، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله ﷺ: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة». [صحيح البخاري (7/ 47 ط السلطانية)]. ولا يصح منها طلب الطلاق للشقاق كما يحصل من الكثيرات، فهذا سيدخلهن في نفق ضيق ويبدأ الحديث عن صحة طلاقهن. ولا تجعل من الأبناء وتعلقه بهم سيفا في وجهه، فسيكون ذلك منها له ظلما. فالمسلمة ترضى بحكم الله وتصبر وتحتسب الأجر إن شق عليها ولا تعترض على حكم الله لمجرد أن نفساها لا تهواه.
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.