سبب إيراد البخاري لحديث المرأة الجونية

السؤال :

شيخنا عندي شك في بعض الأحاديث التي رواها البخاري لا فائدة منها سوى الإساءة لمقام النبي عليه الصلاة والسلام، مثلا حديث حديث الجونية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم :هبي نفسك لي. قالت: وهل تهب الملكة ‌نفسها ‌للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: قد عذت بمعاذ، ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيتين، وألحقها بأهلها». ما فائدة هذا الحديث سوى الإساءة إلى نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، والله البخاري فيه أحاديث كثيرة تسيء للنبي عليه الصلاة والسلام أريد ردا مقنعا جزاك الله خيرا.

الجواب :

سبق لنا ذكر حديث المرأة الجونية  فراجعه (هنا)

لا توجد أحاديث في البخاري تسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا لسوء فهم تلك الأحاديث. فلو تأملت لوجدت أن البخاري ذكر هذا الحديث تحت باب معين، وهو «‌‌باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق». [صحيح البخاري (7/ 41)].

ذكر هذا الحديث له فوائد كثيرة منها: 

-جواز الطلاق إن وجد سببه.
-هل قول الرجل لزوجته:  الحقي بأهلك، يعتبر تطليقة؟ وذلك في قوله (وألحقها بأهلها).
-المتعة التي أمر الله بها للمطلقة غير المدخول بها. وذلك في قوله (‌اكسها ‌رازقيتين).
-فيه خُلق عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يؤاخذها  بكلامها ولا ضربها ولا انتهرها.

وإن كنت تظن أن الإساءة في قولها (وهل تهب الملكة ‌نفسها ‌للسوقة) فليس صحيحا، لأن قولهم: رجل سوقة ليس هو من هذا في شيء؛ لأن العامة تخطئ فتظن أن السوقة والسوق أهل الأسواق، وليس كذلك. إنما ‌السوقة ‌عند ‌العرب: كل من لم يكن ملكا. [المذكر والمؤنث (1/ 478)]. فهي استنكرت أن تتزوج ملكة غير ملك، قال ابن حجر:«استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك، وكان صلى الله عليه وسلم قد خير أن يكون ملكا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا تواضعا منه صلى الله عليه وسلم لربه». [فتح الباري لابن حجر (9/ 358 ط السلفية)].

الإساءة الحقيقية هي إنكار أحاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد سوء في فهم الحديث، ومعارضة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأوهام.

المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.