سفر المرأة دون محرم بحجة توفر الأمن
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز السفر من غير محرم؟. أنا طالبة جامعية ابعد عن الجامعة حوالي 150km. هل يجوز لي السفر من غير محرم على العلم أن الطريق آمنة ودائما أذهب رفقة ابنة جيراننا. وعندما سمعت بأن المرأة يجب أن تسافر مع محرم لها أخبرت والدي بالأمر فرفض فطلبت منه أن يسأل الفقيه القاطن بالمسجد المجاور لنا فأخبره الفقيه بأن الحديث الذي يُحرم السفر من غير محرم صحيح. لكن الآن الوقت تغيرت وأصبح السفر آمنا مع وجود وسائل النقل الحديثة ويمكن للمرأة أن تسافر من غير محرم فهل هذا صحيح. والمشكل الآن أني أبي لن يوافق على الذهاب معي لأنه صدق الفقيه ولن يتنازل عن رأيه.كما أن هذا الشيخ يقول نفس الشيء فمن نصدق الآن؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
للجواب عن هذا، نذكر مسائل :
.1 سفر المرأة من غير محرم من المعاصي المجاهر بها في زماننا، بل من العلماء من عد ذلك من الكبائر كما ذكر ابن حجر في [الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 247)]. وجعل سفرها مع رفقة آمنة من الصغائر!. ولم يجعله حلالا في حال. فكيف مع معصية أخرى وهي سفرك من أجل الاختلاط بالرجال في الجامعة!(راجعي كتابنا). فمن العجيب أن الإمام لم ينتبه لهذا، أم هو حلال بحجة الواقع وتغير الأحوال ووجود الأمن؟!. لذا أجمع العلماء على حرمة سفرها وحدها، وإنما الخلاف عندهم في الحج. كما بينا (هنا).
2. لو كان سفر المرأة حلالا مع وجود ما يسمى بالأمن، لكان الأولى به صحابة رسول الله على الله عليه وسلم، فكيف يقول عاقل أن زماننا أأمن من زمان عمر بن الخطاب أو زمن عمر بن عبد العزيز حتى؟. فزماننا هو شر الأزمنة، والفسقة أكثر مما عرفه زمان قبلا، لقلة الدين وحتى المروءة العربية.
3. سفر المرأة محرم لأسباب كثيرة، منها ما لا يمكن تجنبه، لأنها ستسافر من يشتهيها في كل وقت، قال ربنا:﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [آل عمران: 14]. فإن كان الوالد يراك ابنته فليس الجميع يراك كذلك. ومما يروى في هذا أنه قدمت امرأة إلى مكّة، وكانت ذات جمال وعفاف وبراعة وشارة، فأعجبت ابن أبي ربيعة، فأرسل إليها فخافت شعره، فلما أرادت الطّواف قالت لأخيها: اخرج معي. فخرج معها، وعرض لها عمر فلمّا رأى أخاها أعرض عنها، فأنشدت قول جرير :
تعدو الذّئاب على من لا كلاب له … وتتّقي حوزة المستأسد الحامي. [الحيوان (2/ 296)]. فلما حُدث أمير المؤمنين المنصور العباسي بهذا الخبر فقال : وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها إلا سمعت بهذا الحديث.
4. أحسب أن من تسافر وحدها اليوم، قد وكلها ربها إلى نفسها، لأن الفقهاء قالوا أن الرجل يعاقب بالنفي، والمرأة ليست كذلك، قال الإمام مالك رحمه الله:«لا نفي على النساء». [المدونة (4/ 504)]. فالمرأة لا تعاقب بالنفي والتغريب لأنها تصان عن الرجال وعن مشقة السفر.. وهي اليوم تسافر تنفي نفسها وتغربها وهي مختارة مطيعة.
لا ينبغي الضعف أمام هذه الآراء، فستسمعين الكثير منها مستقبلا، فلا أحد سيزعم أنه يبيح الحلال، ولكن سيلبسون على المؤمنات، فيعتقدن أن الحرام حلال.
المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.