التجارة الإلكترونية عند نداء الجمعة
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.شيخنا الفاضل، لدي استفسار بخصوص البيع عبر الإنترنت خلال وقت صلاة الجمعة. أنا أحضر الصلاة في المسجد، ولكن عندما يدخل الزبون إلى موقعي الإلكتروني الذي أعرض فيه المنتجات، يمكنه شراء السلعة ودفع ثمنها عبر الموقع. عملية البيع تتم تلقائيًا من خلال النظام دون أي تدخل مني. فهل هذا النوع من البيع مسموح به شرعًا خلال وقت صلاة الجمعة؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الخلاصة :«البيع والشراء إلكترونيا لا يخلو : أن يتم مباشرة كمحادثة، فلا شك في حرمته. أو يتم آليا كأداء الاشتراكات التلقائي فهو حلال. أما أن يعرض البائع سلعته ويشتريها شخص عند النداء، فالمفتى به عندنا جواز ذلك، لأن البائع في المسجد، والمشتري إما أنه في بلد لم يحن وقت الجمعة عنده، أو من لا تجب عليه الجمعة أصلا كامرأة، أو يكون يكون المشتري غير مهتم فهو من يأثم لا البائع، لأن البائع لا يمكنه التمييز وهو قد أدى الواجب بترك البيع وقت النداء».
1. قال الله جل شأنه :﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]. فالبيع والشراء عند النداء إلى صلاة الجمعة محرم، وهذا مما لا خلاف فيه. وإنما الخلاف في أي الندائين؟ هل الأول أم الثاني؟. أما النداء الثالث فلا أصل له كما بينا قبلا (هنا). والذي عليه جمهور العلماء أنه النداء الثاني الذي يقف بعده الإمام على المنبر، وهو الصحيح، لأن هو النداء الذي كان يعرف زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
2. على القول بحرمة البيع والشراء عند النداء، هل يصح البيع؟. الذي عليه الشافعية والحنفية صحة العقد، وخالف في ذلك المالكية والحنابلة وقالوا يفسخ.
3. البيع والشراء يجوز لمن لا تجب عليه الجمعة، وهم : العبد، والمرأة، والصبي، والمريض، والمسافر. وهذا قول الجمهور، خلافا للمالكية، قالوا بالكراهة في الأسواق، أما غير الأسواق فيجوز.
4. إذا كان أحدها تجب عليه الجمعة والآخر لا تجب عليه، فقيل: يحرم عليهما جميعا، وهو مذهب المالكية، والشافعية. وقيل: يحرم على صاحب الفرض، ويكره للآخر، وهو مذهب الحنابلة.
ووفق ما ذكرنا، فالحكم على البيع والشراء عبر الوسائل الرقمية له أحوال :
- أن يكون البيع والشراء بين الطرفين بشكل حقيقي عبر محادثة مثلا.. فهذا لا إشكال في حرمته، لأن العاقدين تركا النداء واشتغلا بالعقد.
- أن يتم البيع والشراء تلقائيا : كمسألة الخصم الشهري للاشتراكات، فقد تتم مع النداء، فهذه لا يضر. لأن من تولى العملية ليس مخاطبا بالجمعة ولا بشيء من الدين، وهو النظام الإلكتروني.
- إذا كان البائع في المسجد، وسلعته معروضة على المتجر، والمشتري قام بالعلمية وقت النداء، فهذا هو محل البحث. فقال قوم هو محرم، لأن الشراء تم عند النداء.
لكن منهم من أباح هذا، لأن الجمعة قد تستمر اليوم بأكمله باعتبار اختلاف البلدان، والذي يتحمل الإثم في هذه الحالة هو المشتري لا البائع، لأن البائع في المسجد، والمشتري إما أنه لا جمعة عنده، أو هو مضيع لها، أو لا ممن لا تجب عليه أصلا.
والمفتى به عندنا هو جواز عرض السلعة على المواقع يوم الجمعة بما أن البائع سيكون في المسجد عند النداء، والمشتري إما أنه لا يعلم أو ممن لا تجب عليه أصلا، أو يعلم فهو من يتحمل الإثم، لأنه لا يمكن البحث عن أحوال الناس، ولا التمييز بين من تقام الجمعة في بلده ممن ليس وقت جمعته، وبين من تجب عليه وبين من لا تجب. والعلة في النهي عن البيع هن التخلف عن الجمعة، والبائع حاضر.
أ.د قاسم اكحيلات.