الموقف من موت زعيم حزب الله.

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف حالك دكتورنا نتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية. نريد منكم موقفا في هذه الأحداث الجارية، هذه فتنة كبيرة تحتاج إلى توضيح بارك الله فيك.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

سبق لنا بيان الموقف من تحالف حماس مع الرافضة (هنا)، فلا بد من مراجعته.

الناس في هذا الوضع بين غال في هذا الشخص الذي وصف بالشهيد وغيره من الأوصاف التي لا يمكن أن تقال في مثله، كما يوجد من لا يفهم حقيقة الوضع والنظر إلى المصالح والمفاسد والموازنة بينها، والذي زاد الأمر ضررا هو حديث الدعاة في مواضع لا تليق بهم، وإنما هي للمختصين. ونحن نظن أن الحق ظاهر: 

- حزب الله معلوم أنه حزب مجرم قاتل، دمر أهل السنة وشرد بهم، ومعلوم عقيدته كذلك، ولا ينبغي الاختلاف على هذا، والفرح بهلاك الظالم على يد ظالم آخر مشروع، ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ ‌يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [الروم: 2-4]. ففي الآية جواز فرح المسلمين بهزيمة عدو على عدو آخر أشد منه، وليس هذا حبا لنصرة الكافر؛ بل لأن الله يدفع الشر الأعظم بيد عدوه، فيبقى أخف العدوين ضررا فينفرد بصده المسلمون، وهذا من سنة الله في الدفع التي يجريها لحكمة بغير إرادة المؤمنين. وفرح النبي ﷺ وأصحابه في ذلك: دليل على استحباب الفرح في مثل هذا، وقد كان سبب فرح النبي ﷺ وأصحابه في هزيمة فارس وغلبة الروم سببين:
الأول: أن كفار قريش -أشد عدو قريب للنبي ﷺ- يحبون الفرس أكثر من الروم؛ لأنهم مثلهم ليسوا بأهل كتاب، وهزيمة فارس كسر لنفس قريش وهزيمة لعزائمهم؛ فأحب النبي ذلك.
الثاني: أن فارس أشد عداوة من الروم، وكلاهما عدو للمسلمين؛ فأحب أن يزول العدو الأعلى بالعدو الأدنى، بدلا من قتال عدوين، أو قتال العدو الأعلى.[التفسير والبيان لأحكام القرآن (4/ 1935)].

- تشغيب حزب الله على الصهاينة -بغض النظر عن غاية الحزب- كان مهما لتخفيف الضغط على الغزاويين،  وهذا ظاهر حتى من خطاب المجاهدين هناك، فهم يصرحون بدوره وهم أدرى منا بذلك، بل الصهاينة أنفسهم جعلوا سبب اغتياله ربطه الانسحاب بغزة.. فخسارة هذا أمر مؤسف  بالنسبة للغزاويين.

والجمع بين هذه المشاعر مممكن، فالفرح بهلاك الظالم والحزن على التوقيت لا شيء فيه، فلم يمنع قول النبي ﷺ :«إن بأرض الحبشة ملكا لا ‌يظلم ‌أحد ‌عنده». [سيرة ابن اسحاق = السير والمغازي (ص213)]. لم يمنع أسماء من قول :«وكنا في دار - أو في أرض - ‌البعداء البغضاء بالحبشة». [صحيح البخاري ( ط دار التأصيل 5/ 350)].   ولم يمنع قولُ أسماء قولَ أم سلمة :«‌ودعونا ‌الله ‌للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده». [مسند أحمد (3/ 268 ط الرسالة)].  فرغم البغض والبعد، لا يضر الدعاء بالنصر في حال الموازنة بين أخف الشرين..  وعن أبي هريرة قال :«زار النبي ﷺ قبر أمه، فبكى، ‌وأبكى ‌من ‌حوله فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت ». [صحيح مسلم (3/ 65)]. فبكاء النبي ﷺ على أمه التي ماتت على الشرك لم يضره، لكن في المقابل لم يسمح له بالاستغفار لها. 

فيمكن الفرح بهلاك الظالم مع الحزن على التوقيت، ما لم يكن منافيا للولاء والبراء ولا يخل بمقتضياته من بغض الظلمة والشرك ومتعلقاته.

المجيب: أ.د قاسم اكحيلات.