ليس كل ثوب تصلي به المرأة يجوز الخروج به

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور قاسم جزاكم الله خيرا، سمعت الأستاذ (..) ذكر أن المرأة قبل أن تخرج تنظر هل هذا اللباس يمكن أن تصلي به أم لا؟ ذكر هذا كضابط للباس الذي تخرج به المرأة، يعني إن أرادت معرفة بِمَ تخرج فلتنظر للباس الذي ترضى أن تصلي به فهو الذي تخرج به. فما صحة هذا الضابط؟ فقد أشكل علي الأمر، كيف يكون ضابطا ولباس الشهرة تجوز الصلاة به ولكن لا يمكن الخروج به! بينوا لنا الأمر فقد أشكل علينا.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

سبق لي التحذير من التعامل مع الدعاة (هنا)، فهم يعتمدون على معلومات تستميل قلوب المستمع غير عالمين بأمور الفقه، ظنا منهم أن معلوماتهم كافية ينشرون أخطأء كثيرة. وقد سمعت مرة داعية يذكر علامات البلوغ، فخلط بين علامات البلوغ التي درسناها في العلوم وبين علامات البلوغ في الفقه، وهذا خطأ. وبلغني عن امرأة داعية تقول أن المخطوبة لا يجب عليها استئذان خطيبها عند الخروج حتى يعقد عليها، وهذا خطأ، لأن طاعته لا تجب بالعقد فقط بل بالدخول عند جمهور الفقهاء.

والخلط بين لباس الصلاة ولباس الخروج خطأ فاحش، وبيان هذا في نقاط: 

1. فرق بين عورة الصلاة وعورة النظر، فما تصلي به المرأة لا يعني إمكانية البروز به، قال ابن القيم:«‌العورة ‌عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك». [أعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 354 ط عطاءات العلم)]. وعدم التفريق بين الأمرين نتج عنه الظن أن أبا حنيفة ومالكا والشافعي تحدثوا عن عورة المرأة خارج البيت، وهم في الحقيقة أرادوا عورتها في الصلاة، قال ابن نور الدين:«والسلف كمالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم ‌لم ‌يتكلموا ‌إلا ‌في ‌عورة ‌الصلاة». [تيسير البيان لأحكام القرآن (4/ 77)]. 

2. يجوز للمرأة الصلاة بعطرها وهي في بيتها تناجي ربها، فهذا الذي قيل لكم سيباح على إثره خروجها متعطرة، وهذا كبيرة. فالمرأة تصلي بعطرها، وإذا خرجت للصلاة في المسجد أزالته ولا بد، فعن زينب امرأة عبد الله قالت:« قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شهدت إحداكن المسجد ‌فلا ‌تمس ‌طيبا». [صحيح مسلم (2/ 33)].


3. المرأة يجوز لها تعظيم شعرها في بيتها ولا يدخل هذا في النهي عنه خارجا كما بينا قبلا (هنا).

4. يجوز للمرأة أن تلبس لباسا يخالف عرف بلدها وهي في بيتها، ولو صلت به لا أثر له على الصلاة، عكس لو خرجت به، فهي تأثم لمخالفة عفيفات البلد.

5. يجوز لها لبس الثوب المزين في صلاتها، لكن لا يحل لها الخروج به، وقد قال ربنا ﴿وَلَا ‌يُبدِينَ ‌زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: 31]. فدل على جواز لبسها له في البيت ومن ذلك الصلاة به.

6. صلاة المرأة  بثياب ضيقة داخل بيتها لا يبطل صلاتها، نعم هو مكروه، لكن الصلاة صحيحة، عكس خروجها فليس مكروها بل هو كبيرة من الكبائر لأنه تبرج. وقد بينا قبلا ما تصلي فيها المؤمنة (هنا).

فهذا لا يعد ضابطا، لأن ما تصلي به المرأة وهي تناجي ربها ليس ضابطا صحيحا للاعتماد عليه حال الخروج. 
والحقيقة فمثل هذه المعلومات الخاطئة كثيرة جدا تصدر عن مشاهير الدعاة لا يمكننا تتبعها، ويبدو أن البعض لا يمكنه الحديث عنها بسبب الصداقة التي تجمعهم. 

المجيب: د.قاسم اكحيلات.